(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) أي والذين صدقوا بالله ورسوله وباليوم الآخر ، وعملوا صالح الأعمال من اتّباع الأوامر واجتناب النواهي ومخالفة الشيطان وهوى النفس ، لهم مغفرة لذنوبهم وأجر كبير وهو الجنة ، بسبب الإيمان والعمل الصالح وعمل الخير.
ثم بيّن تعالى الفرق بين الصنفين ، فليس من عمل سيّئا كالذي عمل صالحا ، فقال :
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) أي كيف يتساوى المسيء والمحسن ، وهل يكون أولئك الكفار الفجار الذين بتزيين الشيطان وتحسين القبيح يعملون أعمالا سيّئة من كفر ووثنية وعصيان ، معتقدين أنهم يحسنون صنعا ، كالذين كانوا على الهدى ، ويعلمون أنهم على الحق؟! والمراد بمن زين له سوء عمله : كفار قريش وأمثالهم.
وسبب ذلك ما قال تعالى :
(فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ، وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أي من شاء الله إضلاله أضلّه ، ومن شاء هدايته هداه ، لما له في ذلك من الحجة البالغة ، والعلم التامّ ، وتبعا لعلمه باستعداد النفوس للخير والشّر.
ثم سلّى تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم حيث حزن من إصرار قومه على الكفر ، فقال :
(فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) أي لا تغتم ولا تأسف ولا تهلك نفسك على عدم إيمانهم ، وإصرارهم على الكفر ، واستمرارهم على الضلال ، فالله عليم بأحوالهم واستعداداتهم ، وعليم بما يصنعون من المنكرات والقبائح لا تخفى عليه خافية ، فيجازيهم بما يستحقون. وهذا وعيد كاف. وزجر بليغ إن أدركوا أبعاده ومراميه.