فيها غيرَ ملتفتين إليها.
(٥) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِ بما جاء به محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ فسيظهر لهم ما كانوا به يستهزؤن عند نزول العذاب بِهِم.
(٦) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ من أهل زمان مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أعطيناهم من البسطة في الأجسام والسّعة في الأموال ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ ما لم نعطكم يا أهل مكّة وفي الكلام التفات وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ المطر عَلَيْهِمْ مِدْراراً مغزاراً (١) وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فعاشوا في الخصب (٢) بين الأنّهار والثمار فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ولم يغن ذلك عنهم شيئاً وَأَنْشَأْنا وأحدّثنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ بدلاً منهم يعني إنّا كما قدّرنا أن نهلك من قبلكم كعاد وثمود وننشيء مكانهم آخرين قدّرنا أن نفعل ذلك بكم.
(٧) وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ مكتوباً في ورق فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ولم يقتصر بهم على الرّؤية لئلّا يقولوا سكّرت أبصارنا لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ لعظم عنادهم وقسوة قلوبهم.
(٨) وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ يصدقه ويكلمنا أنّه نبّي لقوله لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ لحقّ إهلاكهم فان سنّة الله جرت بذلك فيمن قبلهم ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ لا يمهلون بعد نزوله طرفة عين.
(٩) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً جواب ثان أو جواب لاقتراحٍ ثان فانّهم كانوا تارة يقولون لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وتارة يقولون لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً والمعنى لو جعلنا قريناً لك ملكاً يصدّقك ويعاينوه أو جعلنا مكانك ملكاً كما اقترحوه لمثلناه رجلاً كما مثّل جبرئيل في صورة دحية فانّ القوّة البشريّة لا تقوى على رؤية الملك في صورته وَلَلَبَسْنا
__________________
(١) في الحديث : الإمام كالعين الغزيرة يقال غزر الماء بالضمّ غزاراً وغزارة كثر فهو غزير أي كثير والمراد شدّة النّفع وعمومه. والمدرار الكثير الدّر مفعال يستوي فيه المذكر والمؤنّث.
(٢) الخصب بالكسر كحِمل : النماء والبركة والمرعى الخصب كثير العشب.