انّهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم الأعمال وأنّهم لَكَما قال الله عزّ وجل.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عنهم فقال قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فان أدخلهم النار فبذنوبهم وان أدخلهم الجنّة فبرحمته.
وفي رواية العيّاشيّ : وان أدخلهم الله الجنّة فبرحمته وان عذّبهم لم يظلمهم.
أقول : لا منافاة بين هاتين الروايتين وبين ما تقدمهما من الأخبار كما زعمه الأكثرون لأنّ هؤلاء القوم يكونون مع الرجال الذين على الأعراف وكلاهما أصحاب الأعراف يدلّ على ما قلناه صريحاً حديث الجوامع.
والقمّيّ الآيتان في آخر هذه الآيات فانّهما يدلان على أنّه يكون عَلَى الْأَعْرافِ الأئمة مع مذنبي أهل زمانهم من شيعتهم والوجه في اطلاق لفظ الأعراف على الأئمّة كما ورد في عدة من الأخبار التي سبقت أن الْأَعْرافِ ان كان اشتقاقها من المعرفة فالأنبياء والأوصياء هم العارفون والمعروفون المعرّفون الله والناس للناس في هذه النشأة وإن كان من العرف (١) بمعنى المكان العالي المرتفع فهم الذين من فرط معرفتهم وشدة بصيرتهم كأنّهم في مكان عال مرتفع ينظرون إلى سائر الناس في درجاتهم ودركاتهم ويميزون السّعداء عن الأشقياء على معرفة منهم بهم وهم بعد في هذه النشأة وكذلك بعض من سار سيرتهم من شيعتهم كما يدلّ عليه حديث حارثة بن النعمان الذي كان ينظر إلى أهل الجنّة يتزاورون في الجنّة والى أهل النار يتعاوون في النار وكان بعد في الدنيا وحديثه مرويّ في الكافي وَنادَوْا يعني ونادى أصحاب الأعراف أريد بهم من كان من الأئمة عليهم السلام لى الأعراف من مذنبي شيعتهم الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ أي إذا نظروا إليهم سلّموا عليهم لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ.
__________________
(١) العرف الرّمل والمكان المرتفعان ويضمّ راؤه كالعرفة بالضم.