جالس العُلماء وزاحمهم بركبتيك ولا تجادلهم فيمنعوك وخذ من الدنيا بلاغا ولا ترفضها فتكون عيالاً على الناس ولا تدخل فيها دخولاً يضرّ بآخرتك وصُم صوماً يقطع شهوتك ولا تصم صياماً يمنعك من الصلاة فانّ الصلاة أحبّ إلى الله من الصيام يا بنّي انّ الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير فاجعل سفينتك فيها الإيمان واجعل شراعها التوكّل واجعل زادك فيها تقوى الله فان نجوت فبرحمة الله وان هلكت فبذنوبك يا بنيّ ان تأدّبت صغيراً انتفعت به كبيراً ومن عنى بالأدب اهتمّ به ومن اهتمّ به تكلّف علمه ومن تكلّف علمه اشتدّ له طلبه ومن اشتدّ له طلبه أدرك منفعته فاتّخذه عادة فانّك تخلف في سلفك وتنفع به من خلفك ويرتجيك فيه راغب ويخشى صولتك راهب وايّاك والكسل عنه والطلب لغيره فان غلبت على الدنيا فلا تغلبنّ على الآخرة وإذا فاتك طلب العلم في مظانّه فقد غلبت على الآخرة واجعل في ايّامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيباً في طلب العلم فانّك لن تجد له تضييعاً أشدّ من تركه ولا تمارينّ فيه لجوجاً ولا تجادلنّ فقيهاً ولا تعادينّ سلطاناً ولا تماشينّ ظلوماً ولا تصادقنّه ولا تواخينّ فاسقاً نطفاً ولا تصاحبنّ متّهماً واخزن علمك كما تخزن ورقك.
يا بنيّ خف الله عزّ وجلّ خوفاً لو أتيت يوم القيامة ببرّ الثّقلين خفت ان يعذّبك وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت ان يغفر الله لك فقال له ابنه يا أبت وكيف أطيق هذا وانّما لي قلب واحد فقال له لقمان يا بنيّ لو استخرج قلب المؤمن فشق لوجد فيه نوران نور للخوف ونور للرّجاء لو وزنا ما رجّح أحدهما على الآخر بمثقال ذرّة فمن يؤمن بالله يصدّق ما قال الله عزّ وجلّ ومن يصدّق ما قال الله يفعل ما أمر الله عزّ وجلّ ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله فانّ هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض فمن يؤمن بالله ايماناً صادقاً يعمل لله خالصاً ناصحاً فقد آمن بالله صادقاً ومن أطاع الله خافه ومن خافه فقد أحبّه ومن أحبّه فقد اتّبع أمره ومن اتّبع أمره استوجب جنّته ومرضاته ومن لم يتّبع رضوان الله فقد هان عليه سخط الله نعوذ بالله من سخط الله.