كما الموت المهدد به حسب التورات ليس موت الجسم فانه لا يخص الكاذبين ، وكثير منهم يعيشون حياة الكذب طويلا ، وإنما هو موت الروح الرسالية بأن يتبين كذبه في فلتات لسانه وصفحات وجهه وسقطات تصرفاته ، وفي تناقض أقواله وتهافت أحواله ودحض حججه في محكمة العقل والفطرة.
فكما ان يمين القدرة الإلهية هي التي وفقته للرسالة وعصمته عن الضلالة ، كذلك هي التي تسترجعها لو تخلفت عن جهات اشراعها! ولكن حرف : (لَوْ) تحيل على الرسول الأقدس (ص) تقوّل الأقاويل ، كما العقل يحيله إحالة مزدوجا : أن الله اصطفاه وهو يعلم مستقبله كما علم ماضيه ، وانه يعصمه عصمة لأمانة الوحي وكرامة الرسالة ، وما استرجاع المناصب إلا نتيجة جهل الناصب وضعفه (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
(فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) : لا يحجزه أحد عما يريد ، وهو الحاجز عما نريد.
(وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) : الذين يتقون الجهل والتجاهل والعناد ، فهم المتذكرون بهذه الذكرى ، وأما الذين كفروا معاندين فهي عليهم عمى!. وهم في ضلالهم يعمهون.
(وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) : لهذه الرسالة السامية (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ) : ان تكذيبها حسرة عليهم يوم الدنيا ويوم الدين ، لأنها تملك من براهين الصدق ما لا يملكه سواها :
(وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) : ان القرآن ونبي القرآن ، إنه لحق اليقين ، لا علم اليقين فحسب أو عين اليقين ، فحق الوحي القرآني حق اليقين ، ذاته اليقين : لا ريب فيه هدى للمتقين ، فبامكان من يعيش قلبه القرآن ، ويسري في وتين قلبه روح الإيمان وفي نياطه القرآن ، فيعيش القرآن قلبه ، بامكانه أن يعرج إلى أعلى معارج