لا محالة تحت إحدى المقولات ، وهي لا محالة مقولة الجوهر دون مقولات الأعراض ، سواء انحصرت المقولات في عدد معيّن مشهور أو غير مشهور أو زادت عليه ، لأنّ الأعراض ـ أيّامّا كانت ـ قائمة بغيرها (١) ، فإذا كانت الماهيّة المفروضة تحت مقولة الجوهر فلا بدّ أن يتخصّص بفصل بعد اشتراكها مع غيرها من الأنواع الجوهريّة ، فتحتاج إلى المخصّص. وأيضا لا شبهة في حاجة بعض الأنواع الجوهريّة إلى المخصّص والمرجّح ، وإذا صحّ الإمكان على بعض ما تحت الجنس من الأنواع صحّ على الجنس ، فالجائز على بعض الأنواع الّتي تحت الجنس جائز على الجنس ، والممتنع أو الواجب على الجنس ممتنع أو واجب على كلّ نوع تحته ، فلو دخل واجب الوجود تعالى تحت المقولة لزم فيه جهة إمكانيّة باعتبار الجنس ، فلم يكن واجبا بل ممكنا ، وهذا خلف ، وإذا استحال دخول الماهيّة المفروضة تحت مقولة الجوهر استحال كون الواجب ذا ماهيّة ، وهو المطلوب (٢).
وقد تبيّن ممّا تقدّم أنّ ضرورة الوجود ووجوبه في الواجب تعالى أزليّة هي منتزعة من حاقّ الذات الّتي هي وجود لا ماهيّة له (٣).
__________________
(١) والمفروض أنّه الوجود الواجبيّ غير القائم بغيره.
(٢) واستدلّ المصنّف رحمهالله على إثبات المطلوب ـ تعليقا على الأسفار ٦ : ٥٥ ـ بوجه آخر. حاصله : أنّه لازم فرض وجوب الواجب بالذات ثبوت الوجود له على أيّ تقدير ، فأيّ موجود مفروض ـ كيفما فرض ـ موجود معه ، كما أنّه لو لم نفرض شيئا فهو موجود أيضا ، فله الوجود من دون قيد أو شرط ، فهو مطلق غير محدود ، فلا ماهيّة له ، إذ لو كانت له ماهيّة لامتازت عن سائر الماهيّات وارتفعت بالضرورة مع ثبوتها ، والمفروض ثبوته على أيّ تقدير ، وهذا خلف. فواجب الوجود بالذات لا ماهيّة له.
(٣) فهو واجب الوجود بالذات من دون حاجة إلى انضمام حيثيّة تعليليّة أو تقييديّة ، بخلاف الماهيّات الممكنة ، فإنّها تحتاج في عرض الوجوب لها إلى الواسطة في العرض. وبخلاف الوجودات الخاصّة الإمكانيّة ، فإنّها تحتاج في ثبوت الوجوب لها إلى الواسطة في الثبوت.