المفروض ، وهذا خلف ؛ والثالث أيضا غير جائز ، فإنّه إذا لم يعدم شيئا ـ لا ذاتا ولا كمال ذات ـ فليس يجوز عدّه شرّا ، فالعلم الضروريّ حاصل بأنّ ما لا يوجب عدم شيء ولا عدم كماله فإنّه لا يكون شرّا له لعدم استضراره به ، فالشرّ كيفما فرض ليس بوجوديّ ، وهو المطلوب (١).
ويصدّق ذلك التأمّل الوافي في موارد الشرّ من الحوادث ، فإنّ الإمعان في أطرافها يهدي إلى أنّ الشرّ الواقع (٢) عدم ذات أو عدم كمال ذات ، كما إذا قتل رجل رجلا بالسيف صبرا ، فالضرب المؤثّر الّذي تصدّاه القاتل كمال له وليس بشرّ ، وحدّة السيف وكونه قطّاعا كمال له وليس بشرّ ، وانفعال عنق المقتول ولينته كمال لبدنه وليس بشرّ ، وهكذا ، فليس الشرّ إلّا زهاق الروح وبطلان الحياة ، وهو عدميّ.
وتبيّن بما مرّ أنّ ما يعدّ من الوجودات شرّا بسبب الاستضرار به هو شرّ بالعرض (٣) كالقاتل والسيف في المثال المذكور.
__________________
(١) هذا الدليل هو الّذي أقامه قطب الدين الشيرازيّ في شرح حكمة الإشراق : ٥٢٠. وتعرّض له أيضا صدر المتألّهين في الأسفار ٧ : ٥٩.
(٢) لا يخفى أنّ الشرّ لم يقع حقيقة ، فإنّه عدم ذات أو عدم كمال ذات. نعم ، زعمنا أنّه يقع في الخارج.
(٣) وقد يقال : «إنّ الشرّ مجعول بالعرض» أو يقال : «إنّ الشرّ مقضيّ بالعرض» أو يقال : «إنّ الشرّ مقدّر بالعرض». وفي معنى عرضيّة الشرّ وجوه :
الأوّل : أنّ الشرّ عدم ، فلا جعل له بالذات ، فإنّ العدم لا يحاذيه شيء حتّى يستدعي جعلا بالذات.
الثاني : أنّ الموجودات كلّها مجعولة بالذات ، أي : الجاعل جعلها بما هي خير ولأجل الانتفاع بها ، لكن لازم وجودها بما هي خير الاستضرار أحيانا ، فاللازم مستند إلى نفس الملزوم بالذات وإلى جاعل الملزوم بالعرض.
الثالث : أنّ الشرّ أمر إضافيّ ، وإلّا فلا حقيقة له. وهذا أقرب الوجوه. وذهب إليه السيّد المحقّق الداماد في القبسات : ٤٣٢ ـ ٤٣٥ ، فقال : «فإذن قد استتبّ أنّ الشرّ في ماهيّته عدم وجود أو عدم كمال مّا لموجود من حيث إنّ ذلك العدم غير لائق به في نفس الأمر أو ـ