وفعله المنسوب إليه فعلا لفاعل آخر كان «فاعلا بالتسخير».
فللعلّة الفاعليّة ثمانية أقسام :
الأوّل : الفاعل بالطبع ، وهو الّذي لا علم له بفعله مع كون الفعل ملائما لطبعه ، كالنفس في مرتبة القوى الطبيعيّة البدنيّة (١) فهي تفعل أفعالها بالطبع (٢).
الثاني : الفاعل بالقسر ، وهو الّذي لا علم له بفعله ، ولا فعله ملائم لطبعه ، كالنفس في مرتبة القوى الطبيعيّة البدنيّة عند انحرافها لمرض ، فإنّ الأفعال عندئذ تنحرف عن مجرى الصحّة لعوامل قاسرة (٣).
الثالث : الفاعل بالجبر ، وهو الّذي له علم بفعله وليس بإرادته ، كالإنسان يكره على فعل ما لا يريده.
الرابع : الفاعل بالرضا ، وهو الّذي له إرادة لفعله عن علم ، وعلمه التفصيليّ بفعله عين فعله ، وليس له قبل الفعل إلّا علم إجماليّ به بعلمه بذاته المستتبع لعلمه الإجماليّ بمعلوله ، كالإنسان يفعل الصور الخياليّة ، وعلمه التفصيليّ بها عين تلك الصور ، وله قبلها علم إجماليّ بها ، لعلمه بذاته الفعّالة لها ، وكفا عليّة الواجب تعالى للأشياء عند الإشراقيّين (٤).
الخامس : الفاعل بالقصد ، وهو الّذي له علم وإرادة ، وعلمه بفعله تفصيليّ قبل الفعل بداع زائد ، كالإنسان في أفعاله الاختياريّة ، وكالواجب عند جمهور المتكلّمين (٥).
__________________
(١) وكالنار بالنسبة إلى الإحراق.
(٢) أي : تفعل النفس أفعالها ، كالجذب والإمساك والهضم وغيرها على مجرى الطبيعيّ.
(٣) كالحرارة الحمائيّة والمرض والسمن المفرط والهزال بالنسبة إلى النفس.
(٤) نسب إليهم في شرح المنظومة : ١٢١ ، وشوارق الإلهام : ٥٥٢ ، والأسفار ٢ : ٢٢٤ ، والشواهد الربوبيّة : ٥٥.
(٥) نسب إليهم في الأسفار ٢ : ٢٢٤ ، والشواهد الربوبيّة : ٥٥ ، وشرح المنظومة : ١٢١. وقال المحقّق اللاهيجيّ في شوارق الإلهام : ٥٥٢ : «فاعلم أنّ الأشبه أنّ مراد محقّقي المعتزلة من كون الإرادة عين الداعي الّذي هو العلم بالأصلح إنّما هو الّذي ذهب إليه الفلاسفة على ما ذكرنا ، فيكون الواجب تعالى عندهم أيضا فاعلا بالعناية».