و (أُمَماً) بدل من اثنتي عشرة. بمعنى : وقطعناهم أمما لأنّ كل أسباط كانت أمة عظيمة وجماعة كثيفة العدد ، وكل واحدة كانت تؤمّ خلاف ما تؤمّه الأخرى ، لا تكاد تأتلف. وقرئ اثنتي عشرة بكسر الشين (فَانْبَجَسَتْ) فانفجرت. والمعنى واحد ، وهو الانفتاح بسعة وكثرة : قال العجاج :
وكيف غربي دالج تبجّسا (١)
فإن قلت : فهلا قيل : فضرب فانبجست؟ قلت : لعدم الإلباس ، وليجعل الانبجاس مسبباً عن الإيحاء بضرب الحجر للدلالة على أنّ الموحى إليه لم يتوقف عن اتباع الأمر ، وأنه من انتفاء الشك عنه بحيث لا حاجة إلى الإفصاح به. من قوله (كُلُّ أُناسٍ) نظير قوله : اثنتي عشرة أسباطاً ، يريد كل أمّة من تلك الأمم الثنتى عشرة. والأناس ، اسم جمع غير تكسير ، نحو. رخال وتناء وتوام (٢) وأخوات لها. ويجوز أن يقال : إن الأصل الكسرة والتكسير ، والضمة بدل من الكسرة ، كما أبدلت في نحو. سكارى وغيارى (٣) من الفتحة (وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) وجعلناه ظليلا عليهم في التيه ، و (كُلُوا) على إرادة القول (وَما ظَلَمُونا) وما رجع إلينا ضرر ظلمهم بكفرانهم النعم ، ولكن كانوا يضرون أنفسهم. ويرجع وبال ظلمهم إليهم.
(وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ)(١٦٢)
__________________
ـ ، فاستعار القول لذلك على سبيل التصريح. وروى : مستأسد أذنابه في عيطل. تقول للرائد ، فالأذناب جمع ذنب ، أى أطرافه تصوت بالريح بقول ذلك النبات والمجاز كما تقدم. هذا ، وحق الرواية : بين رماكى مالك ونهشل. والرمكة : الأنثى من البراذين والخيل ، وجمعها رماك وأرماك ورمكات ، كثمرة وثمار وأثمار وثمرات. يصف فرسه بأنها رعت البقل حقيقة مع تلك الخيول والبراذين ، فلا مجاز هنا.
(١) وانحلبت عيناه من فرط الأسى |
|
وكيف غربي دالج تبجسا |
فرط الاسى : شدة الحزن. والوكيف : مصدر نصب بانحلبت ، لأن معناه : وكفت. والغرب : الدلو العظيم. والدالج : من يأخذ الدلو من البئر فيفرغه في الحوض. والتبجس. اتساع الانفجار. يقول : انصبت دموع عينيه من شدة الحزن ، كانصباب دلوي رجل مفرغ لهما في الحوض تفجرا بسعة. وفيه تشبيه العينين بالغربين.
(٢) قوله : «نحو رخال وتناء وتؤام» رخال : هي الإناث من أولاد الضأن. والتناء : القاطنون بالبلد. والتؤام ـ بالمد ـ واحدة توأم ، وزان كوكب. أفاده الصحاح. (ع)
(٣) قوله : «نحو سكارى وغيارى» غار الرجل على أهله فهو غيور. وجمعه غير وغيران. وجمعه غيارى وغيارى ، كذا في الصحاح. (ع)