والعسرة : حالهم في غزوة تبوك كانوا في عسرة من الظهر : يعتقب العشرة على بعير واحد. وفي عسرة من الزاد : تزودوا التمر المدود والشعير المسوّس والإهالة الزنخة (١) ، وبلغت بهم الشدّة أن اقتسم التمرة اثنان ، وربما مصها الجماعة ليشربوا عليها الماء. وفي عسرة من الماء ، حتى نحروا الإبل واعتصروا فروثها. وفي شدّة زمان ، من حمارّة القيظ ومن الجدب والقحط والضيقة الشديدة (كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) عن الثبات على الإيمان ، أو عن اتباع الرسول في تلك الغزوة والخروج معه. وفي «كاد» ضمير الشأن ، وشبهه سيبويه بقولهم : ليس خلق الله مثله. وقرئ : يزيغ ، بالياء. وفي قراءة عبد الله : من بعد ما زاغت قلوب فريق منهم ، يريد المتخلفين من المؤمنين كأبى لبابة وأمثاله (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) تكرير للتوكيد. ويجوز أن يكون الضمير للفريق : تاب عليهم لكيدودتهم.
(وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(١١٨)
(الثَّلاثَةِ) كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية. ومعنى (خُلِّفُوا) خلفوا عن الغزو. وقيل : عن أبى لبابة وأصحابه حيث تيب عليهم بعدهم. وقرئ (خُلِّفُوا) أى خلفوا الغازين بالمدينة ، أو فسدوا من الخالفة وخلوف الفم (٢). وقرأ جعفر الصادق رضى الله عنه : خالفوا. وقرأ الأعمش : وعلى الثلاثة المخلفين (بِما رَحُبَتْ) برحبها ، أى : مع سعتها ، وهو مثل للحيرة في أمرهم ، كأنهم لا يجدون فيها مكاناً يقرّون فيه قلقاً وجزعا مما هم فيه (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) أى قلوبهم ، لا يسعها أنس ولا سرور ، لأنها حرجت من فرط الوحشة والغمّ
__________________
ـ باؤه ميما ، كما روى : قد أرمى. وذراعا : تمييز ، أى زاد ذراعا على العشر الأذرع ، فيكون مقداره أحد عشر ذراعا ، والجملة وصف لأسمر. ويحتمل أنها حال من النوى ، أى : زاد النوى حال كونه مقدار ذراع على العشر من النوى ، فذراعا حال في ضمن الحال وإذا أشبهت كعوبه النوى في هذه الحالة ، فكل ذراع منه يزيد على عشرة كعوب. ويجوز أن ذراعا تمييز محول عن الفاعل ، أى : زاد كل ذراع من هذا الأسمر على عشرة كعوب. يقول : إذا طلب وارثي تركتي يجد أشياء حقيقة بأن يقبض عليها بالكف حرصا عليها ، فقوله «جمع كف» كناية عن ذلك غير ممتلئة عند من يحب المال ، وغير خالية عند ملاقى الأبطال ، ويجد الثاني بدل من الأول. وشبه فرسه بالعنان في الضمور والمكانة إذا هز أى حرك ، كناية عن الضرب به ، وشبهه بمن يصح منه الرضا على طريق الكناية ولم يرض تخييل : أى يجد فرسا ضامراً وسيفا قاطعا ورمحا طويلا أو صلبا. وجزم المضارع في جواب إذا وهو قليل.
(١) قوله «والاهالة الزنخة ، أى الدهن المنتن. وحمارة القيظ بتشديد الراء شدة حره اه من الصحاح. (ع)
(٢) قوله «أو فسدوا من الخالفة وخلوف الفم» الخالفة : الذي لا خير فيه. وخلوف الفم : تغيره : اه من الصحاح. (ع)