(وَما كانَ لِنَفْسٍ) يعنى من النفوس التي علم أنها تؤمن (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أى بتسهيله وهو منح الألطاف (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) قابل الإذن بالرجس وهو الخذلان (١) ، والنفس المعلوم إيمانها بالذين لا يعقلون وهم المصرون على الكفر ، كقوله (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) وسمى الخذلان رجسا وهو العذاب لأنه سببه. وقرئ : الرجز ، بالزاي. وقرئ ونجعل ، بالنون.
(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ)(١٠١)
(ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الآيات والعبر (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ) والرسل المنذرون ، أو الإنذارات (عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) لا يتوقع إيمانهم ، وهم الذين لا يعقلون وقرئ : وما يغنى ، بالياء ، و «ما» نافية ، أو استفهامية.
(فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ)(١٠٣)
(أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) وقائع الله تعالى فيهم ، كما يقال «أيام العرب» لو قائعها (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا) معطوف على كلام محذوف يدل عليه قوله (إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) كأنه قيل : نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا ، على حكاية الأحوال الماضية (وَالَّذِينَ آمَنُوا) ومن آمن معهم ، كذلك (نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين منكم ، ونهلك المشركين. و (حَقًّا عَلَيْنا) اعتراض ، يعنى : حقّ ذلك علينا حقاً. وقرئ : ننجّ ، بالتشديد.
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(١٠٤)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) يا أهل مكة (إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي) وصحته وسداده ، فهذا دينى فاسمعوا وصفه ، واعرضوه على عقولكم ، وانظروا فيه بعين الإنصاف ، لتعلموا أنه دين
__________________
(١) قوله «وهو الخذلان» تأويل الرجس بالخذلان على مذهب المعتزلة ، وعلى مذهب أهل السنة لا حاجة إلى تأويله. (ع)