أظلهم العذاب. وقيل : كانت تقول لإبراهيم : اضمم لوطاً ابن أخيك إليك فإنى أعلم أنه ينزل بهؤلاء القوم عذاب ، فضحكت سروراً لما أتى الأمر على ما توهمت. وقيل ضحكت فحاضت. وقرأ محمد بن زياد الأعرابى (فَضَحِكَتْ) بفتح الحاء (يَعْقُوبَ) رفع بالابتداء ، كأنه قيل : ومن وراء إسحاق يعقوب مولود أو موجود ، أى من بعده. وقيل الوراء : ولد الولد ، وعن الشعبي أنه قيل له : أهذا ابنك؟ فقال نعم ، من الوراء ، وكان ولد ولده. وقرئ (يَعْقُوبَ) بالنصب ، كأنه قيل. ووهبنا لها إسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، على طريقة قوله :
... لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً |
|
وَلَا نَاعِبٍ (١) ... |
الألف في (يا وَيْلَتى) مبدلة من ياء الإضافة ، وكذلك في «يا لهفاً» و «يا عجباً» وقرأ الحسن : يا ويلتى ، بالياء على الأصل. و (شَيْخاً) نصب بما دلّ عليه اسم الإشارة. وقرئ شيخ ، على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أى : هذا بعلى هو شيخ. أو بعلى : بدل من المبتدأ ، وشيخ : خبر ، أو يكونان معاً خبرين. قيل : بشرت ولها ثمان وتسعون سنة ، ولإبراهيم مائة وعشرون سنة (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) أن يولد ولد من هرمين ، وهو استبعاد من حيث العادة التي أجراها الله. وإنما أنكرت عليها الملائكة تعجبها ف (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) لأنها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والأمور الخارقة للعادات ، فكان عليها أن تتوقر ، ولا يزدهيها (٢) ما يزدهى سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة ، وأن تسبح الله وتمجده مكان التعجب ، وإلى ذلك أشارت الملائكة صلوات الله عليهم في قولهم (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ويخصكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوّة ، فليست بمكان عجب. وأمر الله : قدرته وحكمته : وقوله (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ) كلام مستأنف علل به إنكار التعجب ، كأنه قيل : إياك والتعجب ، فإنّ أمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم. وقيل : الرحمة النبوة ، والبركات الأسباط من بنى إسرائيل ، لأنّ الأنبياء منهم ، وكلهم من ولد إبراهيم (حَمِيدٌ) فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده (مَجِيدٌ) كريم كثير الإحسان إليهم. وأهل البيت : نصب على النداء أو على الاختصاص ، لأن (أَهْلَ الْبَيْتِ) مدح لهم : إذ المراد : أهل بيت خليل الرحمن.
__________________
ـ أنها قالت بعد (يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) فلو كان حيضها قبل بشارتها لما تعجبت ، إذ لا عجب في حمل من تحيض ، والحيض في العادة مهماز على إمكان الحمل ، والله الموفق.
(١) تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة ٣٨١ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٢) قوله «ولا يزدهيها» في الصحاح : زهاه وازدهاه : استخفه وتهاون به. (ع)