إنى رأيت ، بتحريك الياء. وأحد عشر : بسكون العين ، تخفيفا لتوالى المتحركات فيما هو في حتم اسم واحد ، وكذا إلى تسعة عشر ، إلا اثنى عشر ، لئلا يلتقى ساكنا ، ورأيت من الرؤيا ، لا من الرؤية ، لأنَّ ما ذكره معلوم أنه منام ، لأنّ الشمس والقمر لو اجتمعا مع الكواكب ساجدة ليوسف في حال اليقظة ، لكانت آية عظيمة ليعقوب عليه السلام ، ولما خفيت عليه وعلى الناس. فإن قلت : ما أسماء تلك الكواكب؟ قلت : روى جابر أنّ يهودياً جاء إلى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، أخبرنى عن النجوم التي رآهنّ يوسف ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فنزل جبريل عليه السلام فأخبره بذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لليهودي «إن أخبرتك هل تسلم»؟ قال : نعم. قال : «جريان ، والطارق ، والذيال ، وقابس ، وعمودان ، والفليق ، والمصبح ، والضروح ، والفرغ. ووثاب ، وذو الكتفين. رآها يوسف والشمس والقمر نزلن من السماء وسجدن له (١)» فقال. اليهودي : إي والله ، إنها لأسماؤها. وقيل : الشمس والقمر أبواه. وقيل : أبوه وخالته : والكواكب. إخوته. وعن وهب أنّ يوسف رأى وهو ابن سبع سنين أنّ إحدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة في الأرض كهيئة الدارة ، وإذا عصا صغير تثب عليها حتى اقتلعتها وغلبتها ، فوصف ذلك لأبيه فقال : إياك أن تذكر هذا لإخوتك ، ثم رأى وهو ابن ثنتى عشرة سنة الشمس والقمر والكواكب تسجد له ، فقصها على أبيه فقال له : لا تقصها عليهم ، فيبغوا لك الغوائل. وقيل : كان بين رؤيا يوسف ومصير إخوته إليه أربعون سنة. وقيل : ثمانون. فإن قلت لم أخر الشمس والقمر؟ قلت : أخرهما ليعطفهما على الكواكب على طريق الاختصاص ، بياناً لفضلهما واستبدادهما بالمزية على عيرهما من الطوالع ، كما أخر جبريل وميكائيل عن الملائكة ، ثم عطفهما عليها لذلك ، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع ، أى : رأيت الكواكب مع الشمس والقمر. فإن قلت : ما معنى تكرار رأيت (٢) قلت : ليس بتكرار ، إنما هو كلام مستأنف
__________________
(١) أخرجه الحاكم من طريق أسباط عن السدى عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر قال «جاء بستان اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، هل تعرف النجوم التي رآها يوسف فسجدن له؟ فسكت الحديث» ولم يذكر فيهن الشمس والقمر وقال : رآها يوسف محيطة بأكتاف السماء ساجدة له ، وزاد : فقصها على أبيه فقال له : إن هذا أمر قد تشتت وسيجمعه الله بعد» رواه أبو يعلى والبزار والبيهقي وأبو نعيم في الدلائل والطبراني وأبو حاتم في رواية الحاكم بن زهير عن السدى نحوه ، وذكره العقيلي من حديثه وقال : لا يثبت. وقال البزار : لا نعلم له طريقاً إلا هكذا. والحاكم ليس بقوى ، وكذا قال البيهقي : إن الحاكم تفرد به. وغفل عن طريق شيخ الحاكم وذكره ابن الجوزي في الموضوعات. وأعله بالحاكم. وطريق الحاكم يدفع على الحكم وذكر ابن أبى حاتم في العلل عن أبى زرعة أنه قال : حديث منكر.
(٢) قال محمود : «إن قلت ما معنى تكرار رأيت ... الخ» قال أحمد : وأحسن من ذلك أن الكلام طال بين الفعل. الحال ، فطري ذكر الفعل لمناسبة الحال وهي المقصودة ، إذ الآية في السجود كانت ، والله أعلم.