كالانتضال والتناضل : والارتماء والترامي ، وغير ذلك. والمعنى. نتسابق في العدو أو في الرمي. وجاء في التفسير : ننتضل (بِمُؤْمِنٍ لَنا) بمصدّق لنا (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) ولو كنا عندك من أهل الصدق والثقة ، لشدّة محبتك ليوسف ، فكيف وأنت سيئ الظن بنا ، غير واثق بقولنا؟ (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)(١٨)
(بِدَمٍ كَذِبٍ) ذى كذب. أو وصف بالمصدر مبالغة ، كأنه نفس الكذب وعينه ، كما يقال للكذاب : هو الكذب بعينه ، والزور بذاته. ونحوه :
فَهُنَّ بِهِ جُودٌ وَأنْتُمْ بِهِ بُخْلُ
وقرئ ، كذباً. نصباً على الحال ، بمعنى : جاءوا به كاذبين ، ويجوز أن يكون مفعولا له. وقرأت عائشة رضى الله عنها : كدب ، بالدال غير المعجمة ، أى كدر. وقيل : طرى ، وقال ابن جنى : أصله من الكدب ، وهو الفوف (١) البياض الذي يخرج على أظفار الأحداث. كأنه دم قد أثر في قميصه. روى أنهم ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها ، وزلّ عنهم أن يمزقوه. وروى أنّ يعقوب لما سمع بخبر يوسف صاح بأعلى صوته وقال : أين القميص؟ فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال : تا لله ما رأيت كاليوم ذنبا أحلم من هذا ، أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه. وقيل كان في قميص يوسف ثلاث آيات : كان دليلا ليعقوب على كذبهم ، وألقاه على وجهه فارتد بصيراً ، ودليلا على براءة يوسف حين قدّ من دبر. فإن قلت : (عَلى قَمِيصِهِ) ما محله؟ قلت : محله النصب على الظرف ، كأنه قيل : وجاءوا فوق قميصه بدم كما تقول : جاء على جماله بأحمال. فإن قلت : هل يجوز أن تكون حالا متقدمة؟ قلت : لا ، لأنّ حال المجرور لا تتقدم عليه (سَوَّلَتْ) سهلت من السول وهو الاسترخاء ، أى : سهلت (لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) عظيما ارتكبتموه من يوسف وهوّنته في أعينكم : استدل على فعلهم به بما كان يعرف من حسدهم وبسلامة القميص. أو أُوحى إليه بأنهم قصدوه (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) خبر أو مبتدأ ، لكونه موصوفا أى فأمرى صبر جميل ، أو فصبر جميل أمثل. وفي قراءة أبىّ : فصبراً جميلا. والصبر الجميل جاء في الحديث المرفوع «أنه الذي لا شكوى فيه إلى الخلق» (٢) ألا ترى إلى قوله (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي
__________________
(١) قوله «وهو الفوف البياض» عبارة الصحاح : الفوف البياض الذي يكون في أظفار الأحداث اه ، فجعل البياض خبرا عن الفوف وتفسيرا له ، فلعله هنا : أى البياض. (ع)
(٢) أخرجه الطبري من طريق حيان بن أبى حثلة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) قال : «صبر لا شكوى فيه. من بث لم يصبر» هذا مرسل.