الممتدّ المتطاول الذي يلحقهم فيه العذاب في البرزخ والقيامة. والهون : الهوان الشديد ، وإضافة العذاب إليه كقولك : رجل سوء يريد العراقة في الهوان والتمكن فيه (عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) فلا تؤمنون بها.
(وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٩٤)
(فُرادى) منفردين عن أموالكم وأولادكم وما حرصتم عليه ، وآثرتموه من دنياكم ، وعن أوثانكم التي زعمتم أنها شفعاؤكم وشركاء لله (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) ما تفضلنا به عليكم في الدنيا فشغلتم به عن الآخرة (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) لم ينفعكم ولم تحتملوا منه نقيراً ولا قدّمتموه لأنفسكم (فِيكُمْ شُرَكاءُ) في استعبادكم ، لأنهم حين دعوهم آلهة وعبدوها ، فقد جعلوها لله شركاء فيهم وفي استعبادهم. وقرئ : فرادى ، بالتنوين. وفراد ، مثل ثلاث. وفردي ، نحو سكرى : فإن قلت : كما خلقناكم ، في أى محل هو؟ قلت : في محل النصب صفة لمصدر جئتمونا ، أى مجيئا مثل خلقنا لكم (تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) وقع التقطع بينكم ، كما تقول : جمع بين الشيئين ، تريد أوقع الجمع بينهما على إسناد الفعل إلى مصدره بهذا التأويل : ومن رفع فقد أسند الفعل إلى الظرف ، كما تقول : قوتل خلفكم وأمامكم. وفي قراءة عبد الله : لقد تقطع ما بينكم.
(إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)(٩٥)
(فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) بالنبات والشجر. وعن مجاهد : أراد الشقين الذين في النواة والحنطة (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) أى الحيوان ، والنامي من النطف. والبيض والحب والنوى (وَمُخْرِجُ) هذه الأشياء الميتة من الحيوان والنامي ـ فإن قلت : كيف قال (مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) بلفظ اسم الفاعل ، بعد قوله (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) قلت : عطفه على فالق الحب والنوى ، لا على الفعل ، ويخرج الحىَّ من الميت : موقعه موقع الجملة المبينة لقوله (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) لأنّ فلق الحب والنوى بالنبات والشجر النامين (١) من جنس إخراج الحىّ من الميت ، لأنّ النامي
__________________
(١) قال محمود : «معناه فالق الحب والنوى بالنبات والشجر ... الخ» قال أحمد رحمه الله : وقد ورد جميعاً بصيغة الفعل كثيراً في قوله : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ ـ