(قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ)(٦١)
(سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ) سنخادعه عنه ، وسنجتهد ونحتال حتى تنتزعه من يده (وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) وإنا لقادرون على ذلك لا نتعايى به. أو وإنا لفاعلون ذلك لا محالة لا نفرط فيه ولا نتوانى.
(وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(٦٢)
(لِفِتْيانِهِ) وقرئ «لفتيانه» وهما جمع فتى ، كإخوة وإخوان في أخ ، و «فعلة» للقلة. و «فعلان» للكثرة ، أى لغلمانه الكيالين (لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها) لعلهم يعرفون حق ردّها وحق التكرّم بإعطاء البدلين (إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ) وفرغوا ظروفهم (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) لعل معرفتهم بذلك تدعوهم إلى الرجوع إلينا ، وكانت بضاعتهم النعال والأدم. وقيل : تخوّف أن لا يكون عند أبيه من المتاع ما يرجعون به. وقيل : لم ير من الكرم أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمناً. وقيل : علم أن ديانتهم تحملهم على ردّ البضاعة لا يستحلون إمساكها فيرجعون لأجلها. وقيل : معنى (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) لعلهم يردّونها.
(فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٦٣)
(مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) يريدون قول يوسف فإن لم تأتونى به فلا كيل لكم عندي ، لأنهم إذا أنذروا بمنع الكيل فقد منع الكيل (نَكْتَلْ) نرفع المانع من الكيل ، ونكتل من الطعام ما نحتاج إليه. وقرئ «يكتل» بمعنى يكتل. أخونا ، فينضم اكتياله إلى اكتيالنا. أو يكن سبباً للاكتيال فإن امتناعه بسببه.
(قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(٦٤)
(هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ) يريد أنكم قلتم في يوسف (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) كما تقولونه في أخيه ، ثم خنتم بضمانكم ، فما يؤمنني من مثل ذلك. ثم قال (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) فتوكل على الله فيه ودفعه إليهم. و (حافِظاً) تمييز ، كقولك : هو خيرهم رجلا ، ولله درّه فارساً. ويجوز أن يكون حالا.