شريكا للخالق. وقيل : الضمير للجن. وقرئ : وخلقهم ، أى اختلاقهم الإفك ، يعنى : وجعلوا لله خلقهم حيث نسبوا قبائحهم إلى الله في قولهم (وَاللهُ أَمَرَنا بِها) ، (وَخَرَقُوا لَهُ) وخلقوا له ، أى افتعلوا له (بَنِينَ وَبَناتٍ) وهو قول أهل الكتابين في المسيح وعزير ، وقول قريش في الملائكة يقال : خلق الإفك وخرقه واختلقه واخترقه ، بمعنى : وسئل الحسن عنه فقال : كلمة عربية كانت العرب تقولها : كان الرجل إذا كذب كذبة في نادى القوم يقول له بعضهم : قد خرقها والله ، ويجوز أن يكون من خرق الثوب إذا شقه ، أى اشتقوا له بنين وبنات ، وقرئ : وخرّقوا بالتشديد للتكثير ، لقوله (بَنِينَ وَبَناتٍ) وقرأ ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهما : وحرّفوا له ، بمعنى : وزوّروا له أولاداً لأنّ المزوّر محرّف مغير للحق إلى الباطل (بِغَيْرِ عِلْمٍ) من غير أن يعلموا حقيقة ما قالوه من خطأ أو صواب ، ولكن رمياً بقول عن عمى وجهالة. من غير فكر وروية.
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(١٠١)
(بَدِيعُ السَّماواتِ) من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها ، كقولك : فلان بديع الشعر ، أى بديع شعره. أو هو بديع في السموات والأرض ، كقولك : فلان ثبت الغدر ، أى ثابت فيه ، والمعنى أنه عديم النظير والمثل فيها. وقيل : البديع بمعنى المبدع ، وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أو هو مبتدأ وخبره (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) أو فاعل تعالى : وقرئ بالجرّ ردّاً على قوله (وَجَعَلُوا لِلَّهِ) أو على (سُبْحانَهُ). وبالنصب على المدح ، وفيه إبطال الولد من ثلاثة أوجه ، أحدها : أن مبتدع السموات والأرض وهي أجسام عظيمة لا يستقيم أن يوصف بالولادة ، لأنّ الولادة من صفات الأجسام ، ومخترع الأجسام لا يكون جسما حتى يكون والداً. والثاني : أن الولادة لا تكون إلا بين زوجين من جنس واحد وهو متعال عن مجانس ، فلم يصح أن تكون له صاحبة ، فلم تصح الولادة. والثالث : أنه ما من شيء إلا وهو خالقه والعالم به ، ومن كان بهذه الصفة كان غنيا عن كل شيء ، والولد إنما يطلبه المحتاج. وقرئ : ولم يكن له صاحبة ، بالياء.
وإنما جاز للفصل كقوله :
لَقَدْ وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سُوءِ (١)
__________________
(١) لقد ولد الأخيطل أم سوء |
|
على يأب استه صلب وشام |
لجرير يهجو الأخطل. والأخيطل : تصغير الأخطل. وأم سوء ـ بالاضافة ـ : فاعل ، فكان حق الفعل التأنيث ، لكن سوغ تركه الفصل بالمفعول. والاست ـ بوصل الهمزة ـ الدبر. والصلب : جمع صليب. والشام اسم جمع شامة ، وهي العلامات والنفوش. وكان الأخطل ـ وهو غياث بن غوث ـ من نصارى العرب. ويروى «على باب استها» أى الأم. وهو أقعد في المعنى ، وأشنع في هتك الحرمة.