استثنى المخلصين ، لأنه علم أنّ كيده لا يعمل فيهم ولا يقبلون منه. أى (هذا) طريق حق (عَلَيَ) أن أراعيه ، وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادي ، إلا من اختار اتباعك منهم لغوايته : وقرئ علىّ ، وهو من علو الشرف والفضل (لَمَوْعِدُهُمْ) الضمير للغاوين. وقيل : أبواب النار أطباقها وأدراكها ، فأعلاها للموحدين ، والثاني لليهود ، والثالث للنصارى ، والرابع للصابئين ، والخامس للمجوس ، والسادس للمشركين ، والسابع للمنافقين. وعن ابن عباس رضى الله عنه : إن جهنم لمن ادعى الربوبية ، ولظى لعبدة النار ، والحطمة لعبدة الأصنام وسقر لليهود ، والسعير للنصارى ، والجحيم للصابئين ، والهاوية للموحدين. وقرئ : جزء ، بالتخفيف والتثقيل. وقرأ الزهري : جزّ ، بالتشديد ، كأنه حذف الهمزة وألقى حركتها على الزاى ، كقولك : خبّ في خبء ، ثم وقف عليه بالتشديد ، كقولهم : الرجل ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ)(٤٨)
المتقى على الإطلاق : من يتقى ما يجب اتقاؤه مما نهى عنه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما : اتقوا الكفر والفواحش ، ولهم ذنوب تكفرها الصلوات وغيرها (ادْخُلُوها) على إرادة القول. وقرأ الحسن : أدخلوها (بِسَلامٍ) سالمين أو مسلما عليكم : تسلم عليكم الملائكة. الغل : الحقد الكامن في القلب ، من انغل في جوفه وتغلغل ، أى : إن كان لأحدهم في الدنيا غلّ على آخر نزع الله ذلك من قلوبهم وطيب نفوسهم. وعن علىّ رضى الله عنه : أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم. وعن الحرث الأعور : كنت جالساً عنده إذ جاء ابن طلحة فقال له علىّ :
__________________
ـ بقوله «إذا كان فيها الرسل» وهو اللبن القليل ، ويطلق على الجمل السهل ، لم تأت دونه : أى قريبا من اللبن. فصالى : جمع فصيل ، وهو ولد الناقة. ونفى قربها كناية عن نفى ارتضاعها له ، ولو كانت عجافا : أى مهازيل ، ولا أهلى : ولا جياعا ، وإن تعتذر الإبل بالمحل والجدب ، عن ذى ضروعها : كناية عن اللبن ، لأنه ملازم للضروع يجرح نصلى : أى سيفي أو سهمي في عراقيبها ، وهي بمنزلة الركب للإنسان ، وإسناد الاعتذار إليها مجاز ، وكذلك إسناد الجرح للنصل ، لأنه آلته. ومعنى الجرح في العراقيب : أنه يجعلها مكانا معداً له ، ولو قال : يجرح عراقيبها ، لفات ذلك المعنى. وقيل : ضمنه معنى يعثو أى يفد ، وكانت عادة العرب أن يفصدوا الإبل ويجمعوا دماءها ويضعوها على النار فتصير كالكبد ، ويقرون بها الضيفان في الجدب ، فحرمه الله : ويجوز أنه كناية عن نحرها ، لأنهم كانوا يعقرون الجمل الصعب قبل نحره ليسهل عليهم ، وهذا هو الذي يقتضيه مقام المدح.