(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) (٨٠)
قرئ : مدخل ومخرج بالضم والفتح : بمعنى المصدر. ومعنى الفتح : أدخلنى فأدخل مدخل صدق ، أى : أدخلنى القبر مدخل صدق : إدخالا مرضيا على طهارة وطيب من السيئات ، وأخرجنى منه عند البعث إخراجا مرضيا ، ملقى بالكرامة ، آمنا من السخط ، يدل عليه ذكره على أثر ذكر البعث. وقيل : نزلت حين أمر بالهجرة ، يريد إدخال المدينة والإخراج من مكة. وقيل : إدخاله مكة ظاهرا عليها بالفتح ، وإخراجه منها آمنا من المشركين. وقيل : إدخاله الغار وإخراجه منه سالما. وقيل إدخاله فيما حمله من عظيم الأمر ـ وهو النبوّة ـ وإخراجه منه مؤديا لما كلفه من غير تفريط. وقيل : الطاعة. وقيل : هو عام في كل ما يدخل فيه ويلابسه من أمر ومكان (سُلْطاناً) حجة تنصرني على من خالفني ، أو ملكا وعزا قويا ناصرا للإسلام على الكفر مظهرا له عليه ، فأجيبت دعوته بقوله (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ، (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) ، (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ، (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) ووعده لينزعنّ ملك فارس والروم ، فيجعله له. وعنه صلى الله عليه وسلم : أنه استعمل عتاب بن أسيد على أهل مكة وقال «انطلق فقد استعملتك على أهل الله» فكان شديدا على المريب ، لينا على المؤمن وقال : لا والله لا أعلم متخلفا يتخلف عن الصلاة في جماعة إلا ضربت عنقه ، فإنه لا يتخلف عن الصلاة إلا منافق. فقال أهل مكة : يا رسول الله ، لقد استعملت على أهل الله عتاب بن أسيد أعرابيا جافياً ، فقال صلى الله عليه وسلم : «إنى رأيت فيما يرى النائم كأنّ عتاب بن أسيد أتى باب الجنة ، فأخذ بحلقة الباب (١) فقلقلها قلقالا شديدا حتى فتح له فدخلها ، فأعز الله به الإسلام لنصرته المسلمين على من يريد ظلمهم ، فذلك السلطان النصير».
(وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(٨١)
كان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما صنم كل قوم بحيالهم. وعن ابن عباس رضى الله عنهما : كانت لقبائل العرب يحجون إليها وينحرون لها ، فشكا البيت إلى الله عز وجل فقال : أى رب ، حتى متى تعبد هذه الأصنام حولي دونك ، فأوحى الله إلى البيت : إنى سأحدث لك
__________________
(١) أخرجه الثعلبي بإسناده عن الكلبي. قال (سُلْطاناً نَصِيراً) عتاب بن أسيد. استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل مكة ، فذكره سواء. وأخرجه ابن مردويه من طريق إسماعيل بن خليفة الكلبي عن أبى صالح. عن ابن عباس. دون الحديث الذي في آخره.