العذاب فيهما أشد وأفظع ، وقوم لوط أهلكوا بالليل وقت السحر ، وقوم شعيب وقت القيلولة.
(فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ)(٥)
(فَما كانَ دَعْواهُمْ) ما كانوا يدعونه من دينهم وينتحلونه من مذهبهم إلا اعترافهم ببطلانه وفساده. وقولهم (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) فيما كنا عليه. ويجوز : فما كان استغاثتهم إلا قولهم هذا ، لأنه لا مستغاث من الله بغيره ، ومن قولهم دعواهم : يا لكعب. ويجوز ، فما كان دعواهم ربهم إلا اعترافهم لعلمهم أن الدعاء لا ينفعهم ، وأن لات حين دعاء ، فلا يزيدون على ذمّ أنفسهم وتحسرهم على ما كان منهم ، (دَعْواهُمْ) نصب خبر لكان ، و (أَنْ قالُوا) رفع اسم له ، ويجوز العكس
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ)(٧)
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ أُرْسِلَ) مسند إلى الجار والمجرور وهو (إِلَيْهِمْ) ومعناه : فلنسألنّ المرسل إليهم وهم الأمم ، يسألهم عما أجابوا عنه رسلهم ، كما قال : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) ويسأل المرسلين عما أجيبوا به ، كما قال : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) ، (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ) على الرسل والمرسل إليهم ما كان منهم (بِعِلْمٍ) عالمين بأحوالهم الظاهرة والباطنة وأقوالهم وأفعالهم (وَما كُنَّا غائِبِينَ) عنهم وعما وجد منهم ، فإن قلت : فإذا كان عالماً بذلك وكان يقصه عليهم ، فما معنى سؤالهم؟ قلت معناه التوبيخ والتقريع والتقرير إذا فاهوا به بألسنتهم وشهد عليهم أنبياؤهم.
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ)(٩)
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) يعنى وزن الأعمال والتمييز بين راجحها وخفيفها. ورفعه على الابتداء. وخبره (يَوْمَئِذٍ). و (الْحَقُ) صفته أى : والوزن يوم يسأل الله الأمم (١) ورسلهم
__________________
(١) قوله «أى والوزن يوم يسأل الله الأمم» هذا إنما ينبنى على أن يومئذ متعلق بالوزن ، والحق خبر. أما على ما قاله ، فالتقدير : ويوم يسأل الخ ، ويمكن أن مراده : والوزن كائن يوم يسأل الله الأمم ورسلهم ، أى الوزن الحق ، وكان الأقرب : أى والوزن الحق يوم يسأل ... الخ (ع)