دعا بسبعة أسماء : يا قديم ، يا خفي ، يا دائم ، يا فرد ، يا وتر ، يا أحد ، يا صمد» قال البيهقي : ليس بالقوي ، وقيل : إنه كان إذا أراد أن يحيي ميتا ضرب بعصاه الميت ، أو القبر ، أو الجمجمة فيحيا بإذن الله تعالى ويكلمه ويموت سريعا.
وأخرج محيي السنة عن ابن عباس أنه قال : قد أحيا عليهالسلام أربعة أنفس : عازر ، وابن العجوز ، وابنة العاشر ، وسام بن نوح. فأما عازر فكان صديقا له فأرسلت أخته إلى عيسى أن أخاك عازر مات وكان بينه وبين عازر مسيرة ثلاثة أيام فأتاه هو وأصحابه فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام فقال لاخته : انطلقي بنا إلى قبره فانطلقت معهم إلى قبره فدعا الله تعالى عيسى فقام عازر وودكه يقطر فخرج من قبره وبقي زمانا وولد له. وأما ابن العجوز فمر به ميتا على عيسى عليهالسلام على سرير يحمل فدعا الله تعالى عيسى فجلس على سريره ونزل عن أعناق الرجال ولبس ثيابه وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله فبقي زمانا وولد له ، وأما ابنة العاشر فكان أبوها رجلا يأخذ العشور ماتت له بنت بالأمس فدعا الله تعالى وأحياها وبقيت زمانا وولد لها.
وأما سام بن نوح فإن عيسى عليهالسلام جاء إلى قبره فدعى باسم الله تعالى الأعظم فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه خوفا من قيام الساعة ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزمان فقال : أقد قامت الساعة؟ قال : لا ولكن دعوتك باسم الله تعالى الأعظم ثم قال له : مت قال : بشرط أن يعيذني الله تعالى من سكرات الموت فدعا الله تعالى له ففعل ، وفي بعض الآثار أن إحياءه ساما كان بعد قولهم له عليهالسلام إنك تحيي من كان قريب العهد من الموت ولعلهم لم يموتوا بل أصابتهم سكتة فأحي لنا سام بن نوح فأحياه وكان بينه وبين موته أكثر من أربعة آلاف سنة فقال للقوم : صدقوه فإنه نبي فآمن به بعضهم وكذبه آخرون فقالوا : هذا سحر فأرنا آية فنبأهم بما يأكلون وما يدخرون ، وقد ورد أيضا أنه عليهالسلام أحيا ابن ملك ليستخلفه في قصة طويلة ، وأحيا خشفا وشاة وبقرة ؛ ولفظ (الْمَوْتى) يعم كل ذلك.
(وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) «ما» في الموضعين موصولة ، أو نكرة موصوفة والعائد محذوف ـ أي تأكلونه وتدخرونه ـ والظرف متعلق بما عنده وليس من باب التنازع والادخار ـ الخبء ـ وأصل (تَدَّخِرُونَ) تذتخرون بذال معجمة فتاء فأبدلت التاء ذالا ثم أبدلت الذال دالا وأدغمت ، ومن العرب من يقلب التاء دالا ويدغم ، وقد كان هذا الإخبار بعد النبوة وإحيائه الموتى عليهالسلام على ما في بعض الأخبار ، وقيل : قبل ، فقد أخرج ابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : كان عيسى عليهالسلام وهو غلام يلعب مع الصبيان يقول لأحدهم : تريد أن أخبرك ما خبأت لك أمك؟ فيقول : نعم فيقول : خبأت لك كذا وكذا فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها : أطعميني ما خبأت لي فتقول : وأي شيء خبأت لك؟ فيقول : كذا وكذا فتقول : من أخبرك؟! فيقول : عيسى ابن مريم فقالوا : والله لأن تركتم هؤلاء الصبيان مع عيسى ليفسدنهم فجمعوهم في بيت وأغلقوه عليهم فخرج عيسى يلتمسهم فلم يجدهم حتى سمع ضوضأهم في بيت فسأل عنهم فقال : ما هؤلاء أكان هؤلاء الصبيان؟ قالوا : لا إنما هي قردة وخنازير قال : اللهم اجعلهم قردة وخنازير فكانوا كذلك ، وذهب بعضهم أن ذلك كان بعد نزول المائدة وأيد بما أخرجه عبد الرزاق وغيره عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه في الآية أنه قال : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ) من المائدة (وَما تَدَّخِرُونَ) منها ، وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يدخروا فادخروا وخانوا فجعلوا قردة وخنازير ، ويمكن أن يقال : إن كل ذلك قد وقع ـ وعلى سائر التقادير ـ فالمراد الأخبار بخصوصية هذين الأمرين كما يشعر به الظاهر ، وقيل : المراد الأخبار بالمغيبات إلا أنه قد اقتصر على ذكر أمرين منها ولعل وجه تخصيص الإخبار بأحوالهم لتيقنهم بها فلا يبقى لهم شبهة ، والسر في ذكر هذين الأمرين بخصوصهما أن غالب سعي الإنسان وصرف ذهنه لتحصيل الأكل الذي به قوامه والادخار الذي يطمئن به أكثر القلوب ويسكن منه غالب النفوس فليفهم.