ضمير الفعل والمفعول محذوف أي (يُورَثُ) وارثه حال كونه ذا (كَلالَةً) ، وإما على أنها مفعول به أي (يُورَثُ) ذا كلالة ، وإما على أنها مفعول له أي يورث لأجل الكلالة كذا قالوا ، ثم إن الذي عليه أهل الكوفة. وجماعة من الصحابة والتابعين هو أن الكلالة هنا بالمعنى الثالث ، وروي عن آخرين ، منهم ابن جبير وصح به خبر عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ـ أنها بالمعنى الثاني ، ولم نر نسبة القولين الآخرين لأحد من السلف ، والأول منهما غير بعيد ، والثاني سائغ إلا أن فيه بعدا كما لا يخفى (أَوِ امْرَأَةٌ) عطف على رجل مقيد بما قيد به ، وكثيرا ما يستغني بتقييد المعطوف عليه عن تقييد المعطوف ، ولعل فصل ذكرها عن ذكره فللإيذان بشرفه وأصالته في الأحكام ، وقيل : لأن سبب النزول كان بيان حكمه بناء على ما روي عن جابر أنه قال : أتاني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا مريض فقلت : كيف الميراث وإنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض لذلك (وَلَهُ) أي الرجل ، وتوحيد الضمير لوجوبه فيما وقع بعد ، أو حتى أن ما ورد على خلاف ذلك مؤول عند الجمهور كقوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) [النساء : ١٣٥] وأتى به مذكرا للخيار بين أن يراعي المعطوف أو المعطوف عليه في مثل ذلك ، وقد روعي هنا المذكر لتقدمه ذكرا وشرافة ، ويجوز أن يكون الضمير لواحد منهما ، والتذكير للتغليب ، وجوز أن يكون راجعا للميت ، أو الموروث ولتقدم ما يدل عليه ، وأبعد من جوز أن يكون عائدا للرجل ، وضمير المرأة محذوف. والمراد وله أولها (أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) أي من الأم فقط ـ وعلى ذلك عامة المفسرين ـ حتى أن بعضهم حكى الإجماع عليه.
وأخرج غير واحد عن سعيد أبي وقاص أنه كان يقرأ وله أخ أو أخت من أم ، وعن أبي من الأم ، وهذه القراءة وإن كانت شاذة إلا أن كثيرا من العلماء استند إليها بناء على أن الشاذ من القراءات إذا صح سنده كان كخبر الواحد في وجوب العمل به خلافا لبعضهم ، ويرشد إلى هذا القيد أيضا أن أحكام بني الأعيان والعلات هي التي تأتي في آخر السورة الكريمة ، وأيضا ما قدر هنا لكل واحد من الأخ والأخت ، وللأكثر وهو السدس ، والثلث هو فرض الأم ، فالمناسب أن يكون ذلك لأولاد الأم ، ويقال لهم إخوة أخياف ، وبنو الأخياف ، والإضافة بيانية ، والجملة في محل النصب على أنها حال من ضمير يورث. أو من رجل على تقدر كون يورث صفة له ومساقها لتصوير المسألة ، وذكر الكلالة لتحقيق جريان الحكم المذكور ، وإن كان مع من ذكر ورثة أخرى بطريق الكلالة ولا يضر عند من لم يقل بالمفهوم جريانه في صورة الأم ، أو الجدة مع أن قرابتهما ليس بطريق الكلالة ، وكذا لا يضر عند القائل به أيضا للإجماع على ذلك (فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) أي الأخت والأخ (السُّدُسُ) مما ترك من غير تفضيل للذكر على الأنثى ، ولعله إنما عدل عن ـ فله السدس ـ إلى هذا دفعا لتوهم أن المذكور حكم الأخ ، وترك حكم الأخت لأنه يعلم منه أن لها نصف الأخ بحكم الأنوثة والحكمة في تسوية الشارع بينهما تساويهما في الإدلاء إلى الميت بمحض الأنوثة (فَإِنْ كانُوا) أي الإخوة والأخوات من الأم المدلول عليهم بما تقدم والتذكير للتغليب (أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ) أي المذكور بواحد ، أو بما فوقه والتعبير باسم الإشارة دون الواحد لأنه لا يقال أكثر من الواحد حتى لو قيل أول بأن المعنى زائدا عليه ، وبعض المحققين التزم التأويل هنا أيضا إذ لا مفاضلة بعد انكشاف حال المشار إليه ، ولعل التعبير باسم الإشارة حينئذ تأكيد الإشارة إلى أن المسألة فرضية ، والفاء لما مر من أن ذكر احتمال الانفراد مستتبع لذكر احتمال العدد.
(فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) يقتسمونه فيما بينهم بالسوية ، وهذا مما لا خلاف فيه لأحد من الأمة ، والباقي لباقي الورثة من أصحاب الفروض والعصبات ، وفيه خلاف الشيعة ، هذا ومن الناس من جوز أن يكون (يُورَثُ) في القراءة المشهورة مبنيا للمفعول من أورث على أن المراد به الوارث ، والمعنى وإن كان رجل يجعل وارثا لأجل الكلالة ؛ أو ذا كلالة أي غير والد ولا ولد ، ولذلك الوارث أخ أو أخت فلكل من ذلك الوارث ، أو أخيه أو أخته السدس ، فإن