الجمع ما ذكر فلا نسلم استدعاء ذلك لاعتبار الخصوص بل يكفي للاهتمام دخول اختصام الحبيب مع أعدائه عليه الصلاة والسلام فتأمله ، ثم أنت تعلم أنه لو لم يكن في هذا المقام سوى الحديث الصحيح المرفوع لكفى في كون المراد عموم الاختصام فالحق القول بعمومه وهو أنواع شتى ، فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال في الآية : يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر ، وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند لا بأس به عن أبي أيوب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كان لزوجها وتشهد يداه ورجلاه بما كان لها ثم يدعي الرجل وخادمه بمثل ذلك ثم يدعي أهل الأسواق وما يوجد ثم دانق ولا قراريط ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلمه وسيئات هذا الذي ظلمه توضع عليه ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال أوردوهم إلى النار فو الله ما أدري يدخلونها أو كما قال الله (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) وأخرج البزار عن أنس قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يجاء بالأمير الجائر فتخاصمه الرعية» وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أوّل خصمين يوم القيامة جاران» ولعل الأولية إضافية لحديث أبي أيوب السابق.
وجاء عن ابن عباس اختصام الروح مع الجسد أيضا بل أخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليختصمن يوم القيامة كل شيء حتى الشاتان فيما انتطحا».
«تم الجزء الثالث والعشرون ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الرابع والعشرون وأوله (فَمَنْ أَظْلَمُ)