وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) إلخ إشارة للسالك إلى ترك موالاة النفس الإمارة وإلقاء المودة إليها فإنها العدو الأكبر كما قيل: أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك ، وهي لا تزال كارهة للحق ومعارضة لرسول العقل نافرة له ولا تنفك عن ذلك حتى تكون مطمئنة راضية مرضية ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) وقوله سبحانه : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ) إلخ اشارة إلى أنه متى أطاعت النفس وأمن جماحها جاز إعطاؤها حظوظها المباحة ، وإليه الإشارة بما روي أن «لنفسك عليك حقا» وفي قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) إلخ إشارة إلى مبايعة المرشد المريد الصادق ذا النفس المؤمنة وذلك أن يبايعه على ترك الاختيار وتفويض الأمور إلى الله عزوجل وأن لا يرغب فيما ليس له بأهل ، وأن لا يلج في شهوات النفس ، وأن لا يئد الوارد الإلهامي تحت تراب الطبيعة ، وأن لا يفتري فيزعم أن الخاطر السري خاطر الروح وخاطر الروح خاطر الحق إلى غير ذلك ، وأن لا يعصي في معروف يفيده معرفة الله عزوجل ، وأن يطلب من الله سبحانه في ضمن المبالغة أن يستر صفاته بصفاته ووجوده بوجوده ، وحاصله أن يطلب له البقاء بعد الفناء وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.