والإلكترون النقيض ، وما قاموا به من تخليق ذرة الهيدروجين النقيضة ، وما إلى ذلك مما ذكرنا ، مع ما أصبح يقينا عندهم من الوحدة في الخلق على كل المستويات ، والتي تستلزم وجود المادة والمادة النقيضة ، أو بعبارة أخرى أوضح في موضوعنا ألا وهي أنها تستلزم وجود الخلق أزواجا.
لقد عكف العالم السويدي الشهير (أوسكار كلاين) سنوات طويلة على دراسة هذا الموضوع وخرج برأي يقول : «إن المادة والمادة النقيضة لا بد أن تكونا قد ظهرتا في وقت واحد ، ولا بد أن تتساويا تماما ، بمعنى أن نصف الأجرام السماوية قد جاء وظهر من مادة عادية ونصفها الآخر قد خلق من مادة نقيضة» .. وذهب عالم البلازما النووية «هانز ألفين» إلى أبعد من هذا ، فنشر بحثا بعنوان «نقيض المادة والكون» شرح فيه فكرة ظهور الكون والكون النقيض وكيف ظهرا ، ثم بوعد بينهما وعزلا حتى أمكن أن يعيشا إلى اليوم المعلوم».
ولا يسعنا ، نحن الناظرين إلى هذه النتائج العلمية التي لا تحتاج إلى تعليق ، إلا أن نردد قوله تعالى (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) [يس / ٣٦] ، كما أننا لنتمايل طربا ونهتز نشوة عند ما نعرف أن العالم الحديث ، بعلومه ومعارفه وفي أدق مباحثه ونظرياته ، قد اتخذ من آيات القرآن دستورا له يبني عليه حضارته وتطلعاته وطموحاته ، ويردد كما يردد كل مؤمن (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الذاريات / ٤٩].
أيها القارئ الكريم : قل لي بربك ... من الذي علّم ذلك الأمّي في شعاب مكة وأوديتها ، من الذي علمه أسرار الكون والحياة والذرة والخلية مما لم يكن الإنسان يعلمه لا بعقله الظاهر ولا بعقله الباطن ، ومما لم يصل إليه ولا حام حوله ...؟
لا شك أنه الله ، الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ، وإني لعلى يقين بأنه ما من منصف يقع نظره على هذه الآية وهذه النتائج العلمية المذهلة إلا ويجد نفسه مضطرا لأن يحني رأسه تواضعا للحقيقة ، وتعظيما للخالق واعترافا بأن هذا الكتاب المعجز ليس من قول البشر.
بعد أن ينتهي الدكتور هيتو من البرهنة ، في علم الذرة والفضاء والفلك ، على وجود الزوجية في كل تركيباتها ، ووجودها المادي ، يعود للبرهنة على الزوجية في علم الحياة ، وسنحاول اختصار ما قاله في هذا الصدد ، حيث يدلل على الإعجاز القرآني في حديثه عن الزوجية من خلال الخلية الحية ، ومن خلال الزوجية في الخلية الجنسية ، ومن ثم في الكروموسومات ، ومن ثم في الجينات ، ومن ثم في