انقسامها إلى نصف العدد الزوجي في كل من النطفة والبويضة إنما هي أعظم دليل على الزوجية حتى في عملية التلقيح الجنسية. ويقول الدكتور هيتو : «ولكن أين سر الأزواج في هذا؟ ألسنا نتكلم عن الأزواج؟ بلى .. إننا نتكلم عن الأزواج ، والسر هنا يكمن في أن الحيوان المنوي الذي يحمل ، كما ذكرنا ، نصف عدد الأزواج التي كانت تحملها الخلية الجنسية من الكروموسومات ، إن هذا الحيوان عند ما يلقح البويضة في رحم المرأة ، وتتكون الخلية الأولى ، نجد أن كل كروموسوم من الكروموسومات الثلاثة والعشرين تندفع في هذه الخلية الجديدة وكأنها تبحث عن شيء مفقود ، وإذا بكل واحد منها يبحث عن زوجه وقرينه الذي انفصل عنه في الخلية الأساسية ، فإذا ما التقيا تلاصقا ، كما يتم التلاصق بين كل زوجين في حياتنا الظاهرة ، وكأن أحدهما يدلي للآخر بأسراره ويطلعه على باطنه ويتبادل معه المعلومات السرية التي لا يعلمها إلا خالقه ، والتي سيتكوّن منها المولود الجديد».
على أن الزوجية في العلم لم تقف عند حدود الزوجية في عدد الكروموسومات ، بل إن العلم ، بعد بحث دقيق عميق في هذه الكروموسومات ، وبعد استخدام العلم مجاهر كبيرة للنظر إليها ، وجدها تتكون من جينات صغيرة متراصّة يبلغ عددها على الكروموسوم الواحد عشرات الآلاف ، وهي تقوم بمهمة حفظ السجلات الوراثية للإنسان. فبناء على هذه الجينات تتحدد صفات الإنسان ولونه وشكله وصوته وطبيعته وطوله ولون شعره ولون عينيه وكل ما يتعلق بأوصاف الإنسان ، وبسبب هذه الجينات أيضا تنتقل الصفات الوراثية من الجد إلى الآباء ، ومن الآباء إلى الأبناء ، واكتشف العلم أن هذه الجينات تتكوّن ، هي أيضا ، من أزواج ولم تأت فرادى ، ولهذا كان الشبه بين الولد وأبيه ، والأب وجده من جهة ، وبين والدته وجدته من جهة أخرى ، وحيثما تفوّقت جينة أحدهما على الآخر ظهر التعبير في شبه الولد بأحدهما. إذن ، حتى في هذه الجينات وجدت الزوجية ، فلو افترضنا جدلا أن الخلية تحتوي على أربعين ألفا من الجينات ، فمعنى هذا أن عشرين ألفا منها جاءت من الأب ، والعشرين ألف الأخرى جاءت من الأم ، فهي تحمل عشرين ألف زوج من الجينات المشتركة التي تحمل صفات الأم والأب معا.
ولكن هل تقف الزوجية عند هذا الحد لمعرفتنا بالجينات؟ لا. فالعلم بدأ يبحث في سر هذه الجينة وكيفية حفظها للصفات البشرية ، بل وكيفية التأثير عليها ، فما ذا وجد؟ وجد العلم أن الجينة الواحدة قد حملت سرا من الأسرار التي أدى اكتشافها إلى إثبات إعجاز القرآن وإظهار عظمة الخالق ، إذ ثبت أنها تتكون من الأزواج أيضا ،