النبي صلّى الله عليه وسلّم : مروه فليصم وليقعد وليستظل ؛ فأخبره بإتمام العبادة ونهاه عن فعل المباح.
وأما المعصية فهي ساقطة إجماعا ؛ ثبت عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال (١) : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه.
المسألة الثانية ـ في تعليق النّذر بالحمل :
اعلموا ـ علمكم الله ـ أنّ الحمل في حيّز العدم ؛ لأنّ القضاء بوجوده غير معلوم لاحتمال أن يكون نفخ في البطن لعلّة وحركة خلط يضطرب ، وريح ينبعث ، ويحتمل أن يكون لولد ؛ وقد يغلب على البطن كلّ واحد منهما في حالة ، وقد يشكل الحال ؛ فإن فرضنا غلبة الظنّ في كونه حملا فقد اتفق العلماء على أنّ العقود التي ترد عليه وتتعلّق به على ضربين :
أحدهما ـ عقد معاوضة. والثاني ـ عقد مطلق لا عوضية فيه.
فأما الأول ـ وهو عقد المعاوضة ـ فإنه ساقط فيه إجماعا ، بدليل ما روى (٢) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه نهى عن بيع حبل الحبلة (٣).
والحكمة فيه أنّ العقد إذا تضمّن العوض وجب تنزيهه عن الجهالة والغرر في حصول الفائدة التي بذل المرء فيها ماله ، فإذا لم يتحقّق حصول تلك الفائدة كان من أكل المال بالباطل.
وأما الثاني ـ وهو العقد المطلق المجرّد من العوض كالوصية والهبة والنذر فإنه يرد على الحمل ؛ لأنّ الغرر فيه منتف إذ هو تبرّع مجرّد ؛ فإن اتفق فيها ونعمت ، وإن تعذّر لم يستضر أحد.
المسألة الثالثة ـ في معنى الآية :
قال علماؤنا : كان لعمران بن ماثان ابنتان : إحداهما حنّة والأخرى يلمشقع ، وبنو ماثان من ملوك بنى إسرائيل من نسل داود عليه السلام ، وكان في ذلك الزمان لا يحرّر إلا الغلمان ، فلما نذرت قال لها زوجها عمران : أرأيتك إن كان ما في بطنك أنثى كيف نفعل؟ فاهتمّت لذلك فقالت : إنى نذرت لك ما في بطني محرّرا ، فتقبل منى إنك أنت السميع
__________________
(١) ابن ماجة : ٦٨٧ ، والبخاري : ٨ ـ ١٧٧
(٢) مسلم : ١١٥٣
(٣) في النهاية : وقيل أراد بحبل الحبلة أن يبيعه إلى أجل ينتج فيه الحمل الذي في بطن الناقة فهو أجل مجهول ، ولا يصح.