التي لا يعجزها شيء في الأرض ولا في السماء.
* * *
لماذا يثير القرآن فكرة الموت باستمرار؟
قد يتساءل قارئ القرآن عن السبب الكامن وراء إثارة القرآن لفكرة الموت بشكل دائم ... لماذا يلحّ دائما على أن يجعل الإنسان مهزوما أمام فكرة الموت؟ هل يريد له أنريعيش تحت تأثير هذا الهاجس ، كالشبح المرعب ، الذي يوحي له بالخوف والهلع المستمر ، مما قد يفقده التركيز على مشاريع الحياة التي تحتاج إلى الشعور بالامتداد في خط العمل من أجل التخطيط المستمر لإكمال المسيرة؟
وفي ضوء هذا التساؤل ، يحاول البعض من الناس ، اتهام الوعظ الديني الذي يعمل على تعميق إحساس الإنسان بالموت في كل لحظة ، بأنه يمنع الإنسان من الشعور بالقوة ، لأنه يجمّد قوّة الحياة في داخل وعيه وتفكيره من خلال الإيحاء بأن من الممكن أن تنتهي الحياة في أيّ وقت .. فيتضاءل الإنسان ويضعف ويسترخي في تهاويل الحزن انتظارا للموت .. وبهذا يتحول الناس إلى جماعات متناثرة تنتظر الموت بدلا من أن تنطلق وحدة قويّة في بناء الحياة!
والجواب عن ذلك : إن لهذا الأسلوب هدفا تربويا يسعى إليه ، وذلك لأن الشعور بالقوّة المطلقة له أثران : إيجابي وسلبي. أما الأثر الإيجابي ، فهو حرية الحركة وحيويتها في جميع الأشياء التي يفكر بها ، أو يطلبها منه الآخرون ؛ وأمّا الأثر السلبي فهو الشعور بالغرور الذي يجعله يتحرك في إحساس بضخامة الشخصية بشكل غير معقول ، فيؤدي به ذلك إلى التكبّر والتجبّر والدخول في متاهات من الأعمال التي لا يملك زمام القدرة فيها .. وهذا ما أراد الإسلام أن يخفّف منه ، وذلك من ضمن خطة تتحرك في عدّة أساليب ، منها : الإيحاء الدائم بمواطن الضعف البشري في ما يصيب الإنسان