فان الآنات والأزمنة المتعاقبة وان كانت في الحقيقة وجودات متعددة متحدة سنخا ، ولكنها لما كانت على نهج الاتصال ولم يتخلل سكون بينها ، كان الجميع بنظر العرف موجودا واحدا مستمرا ، وبهذا الاعتبار يعد الموجود اللاحق بقاء لما حدث أولا ، فيصدق عليه الشك في بقاء ما حدث وتتحد القضية المتيقنة مع القضية المشكوكة ، وان لم يكن كذلك بحسب الحقيقة والدقة ( وحينئذ ) إذا صدق الموجود الواحد المستمر على الوجودات المتعاقبة على نعت الاتصال ، وكان مدار الوحدة في متعلق الوصفين على الأنظار العرفية لا على المداقة العقلية ، فلا جرم يجرى فيها الاستصحاب كجريانه في الأمور القارة لتمامية أركانه جميعا من اليقين السابق بالوجود والشك اللاحق في البقاء ( بل ) يمكن ان يقال : انه ليس لعنوان البقاء اثر في أدلة الاستصحاب ، فان الموجود فيها هو النهي عن نقض اليقين بالشك ، ولا ريب في أن دائرة صدق النقض عرفا أوسع من البقاء الحقيقي والمسامحي ، فيكون رفع اليد عن ترتب الأثر على الامر التدريجي الذي ينعدم ويوجد على التعاقب بالشك في انقطاع سلسلة وجوداته ، نقضا لليقين بالشك عرفا ( مع أن ) الانصرام والتجدد المانع عن الاستصحاب كما افاده المحقق الخراساني انما هو في الحركة القطعية في الأين وغيره المنتزعة من الأكوان المتعاقبة على نهج الاتصال الموافية للحدود الواقعة بين المبدء والمنتهى ، وهي الصورة الممتدة المرتسمة في الوهم المجتمعة الاجزاء في مرحلة الخيال والمتفرقة في الخارج ، كحركة الجوالة الموجبة لارتسام دائرة في الخيال ، فهي باعتبار منشأ انتزاعها الذي هي الأكوان المتعاقبة المتفرقة في الخارج تدريجية ، فيأتي فيها الاشكال المزبور ( واما الحركة ) التوسطية وهي الكون بين المبدء والمنتهي والآن السيال في الزمان ، فلا قصور في جريان الاستصحاب فيها ( إذ هي ) بهذا الاعتبار من الأمور القارة ، فيصدق عليها البقاء حقيقة لا مسامحة ، هذا ( ولكن ) الانصاف انه لا سبيل إلى دعوى صدق القار على الحركة بمعنى التوسط كي يتصور فيها البقاء الحقيقي ، لما عرفت من أن البقاء الحقيقي للشيء عبارة عن استمرار وجوده في ثاني زمان حدوثه بما له من المراتب والحدود المشخصة له في آن حدوثه ( ومثله ) غير متصور في الحركة التوسطية في مثل