( واما ) استصحاب نفس الحكم العقلي بالحسن أو القبح عند الشك في بقاء مناطه لشبهة حكميه أو موضوعيه ، فلا شبهة في أنه لا سبيل إلى استصحابه ، وذلك لا من جهة ما قيل من عدم ترتب اثر عملي على استصحابه الا باعتبار إرادة اثبات الحكم الشرعي من استصحابه وهو غير ممكن لكونه من أوضح افراد الأصل المثبت ، لأنه من استصحاب أحد المتلازمين لاثبات الملازم الآخر ( بل من جهة ) الجزم بانتفائه حينئذ وعدم امكان تطرق الشك في الاحكام العقلية الوجدانية التي منها باب التحسين والتقبيح العقليين ، فان حقيقة الحسن العقلي ليس الا عبارة عن ملائمة الشيء لدى القوة العاقلة كسائر ملائمات الشيء لدى سائر قواه من الذائقة والسامعة ونحوهما مما هو في الحقيقة من الآت درك النفس ، قبال ما ينافر لدى القوة العاقلة المسمى بالقبح ( ومن الواضح ) امتناع تطرق الشك في مثل هذه الادراكيات الوجدانية ، إذ هي تدور مدار حصول صفة الانبساط والاشمئزاز ، نظير سائر الحالات الوجدانية كالفرح والحزن ، فإذا انبسط العقل من شيء لكونه ملائما لديه يحكم بحسنه ، كما أنه باشمئزازه عنه لمنافرته لديه يحكم بقبحه ولا يمكن فيه تطرق الشك والاحتمال لامتناع خفاء الوجدانيات على الوجدان ( نعم ) ما هو المشكوك انما هو مناط حكمه من المصالح والمفاسد النفس الامرية ولكنه أجنبي عن الاحكام العقلية الوجدانية ( كما أن ) ما هو القابل لتطرق الشك والاحتمال فيه في العقليات هو الاحكام العقلية الاستكشافية في باب الملازمات ونحوها من الأمور الواقعية كحكمه بثبوت الملازمة بين الشيئين وحكمه باستحالة اجتماع النقيضين والضدين وامتناع التكليف بغير المقدور ( فان درك ) العقل فيها لما كان طريقا إلى الواقع لا مقوما لحكمه ، كاحكامه الوجدانية التي منها باب التحسين والتقبيح كان المجال لتطرق الشك والاحتمال فيها ، كالشك في استحالة الشيء أو الشك في الملازمة بين الشيئين ، بخلافه في احكامه الوجدانية التي يكون دركه وتصديقه مقوم حكمه ، فإنه يمنع تطرق الشك والاحتمال لاستحالة خفاء الوجدانيات على الوجدان ( وبهذه ) الجهة نفرق بين سنخي الحكم العقلي في باب التخطئة والتصويب أيضا ، حيث نقول ان باب التحسين والتقبيح العقليين الناشئين