الاعتياد أو الغفلة عن الجهات المزاحمة لقصورها عن درك هذه الجهات ، لا انه من جهة الاستصحاب والبناء على الجري العملي على طبق الحالة السابقة مع الالتفات والشك في انتقاضها « واما السيرة » العقلائية والطريقة العرفية الارتكازية فهي وان كانت على الاخذ بالحالة السابقة ، ولكن يمنع كون ذلك من باب الاستصحاب والاخذ بأحد طرفي الشك تعبدا ، بل ذلك منهم انما هو من جهة الغفلة عما يوجب زوال الحالة السابقة كما هو الغالب ، أو من جهة حصول الاطمينان لهم بالبقاء ، أو من جهة مجرد الاحتياط ورجاء البقاء كما في المراسلات ونحوها من الأمور غير الخطيرة « وعلى فرض » ثبوت البناء المزبور منهم يمنع تحققه في مطلق الأمور حتى الراجعة إلى معادهم وما يتدينون به من احكام دينهم ، بل المتيقن منه كونه في الأمور الراجعة إلى معاشهم وأحكامهم العرفية.
( كيف ) وثبوت هذا البناء الارتكازي منهم حتى في الأمور الدينية ينافي هذا الخلاف العظيم بين الأعاظم من الاعلام خلفا عن سلف وذهاب جمع منهم إلى عدم الحجية إذ المنكرين للحجية أيضا من العقلاء بل كل واحد منهم بمثابة الف عاقل ، فثبوت هذا الخلاف العظيم بينهم قديما وحديثا يكشف عن عدم ثبوت بنائهم على الاخذ بالحالة السابقة تعبدا في الأمور الدينية والأحكام الشرعية ( وعليه ) فلا يكاد ينفع مثل هذا البناء للاستدلال به على حجية الاستصحاب ولو مع اليقين بعدم ورود ردع من الشارع بنحو العموم أو الخصوص عن البناء المزبور ( إذ بعد ) عدم ثبوت بنائهم على الاخذ بالحالة السابقة تعبدا في الأمور الدينية ، لا يحتاج إلى الردع عن بنائهم لو فرض كونه غير مرضى عند الشارع من جهة كونهم بأنفسهم مرتدعين بالنسبة إليها هذا ( ولكن الانصاف ) ان المناقشة الأولى في غير محلها ، فان ثبوت بنائهم على الاخذ بالحالة السابقة من باب الاستصحاب والشك الوجداني في انتقاضها وتساوي احتمال البقاء والارتفاع مما لا سبيل إلى انكاره ، لما يرى منهم بالوجدان والعيان في ترتيبهم آثار البقاء على الشيء عملا مع الشك في ارتفاعه من حيث ارسالهم