زمان معروض الوصفين لا زمان الوصفين نفسهما ، لجواز اتحاد زمانهما فيه ، كما لو علم يوم الجمعة بعدالة زيد يوم الخميس وشك في يوم الجمعة أيضا في عدالته فيه ، بل المعتبر في الاستصحاب هو اجتماع اليقين والشك حين الحكم بالبقاء سواء كان مبدء حدوث اليقين قبل حدوث الشك ، أو بعده ، أم كان حدوثهما متقارنين زمانا كالمثال المتقدم ( والا ) فبدونه لا يصدق الشك في البقاء ، بل الشك يكون ساريا فيخرج عن موضوع الاستصحاب كما هو ظاهر.
ومن التأمل ، فيما ذكرنا يظهر انه لابد في الاستصحاب من اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة بحسب الموضوع والمحمول ، والمراد بالوحدة المزبورة انما هو وحدتهما وجودا خارجيا كي يصدق تعلق الشك بما تعلق به اليقين السابق ويصدق على القضية المشكوكة انها بقاء للقضية المتيقنة ، لا مجرد وحدتهما بحسب الذات والحقيقة ولو مع تعددهما في الخارج وجودا ( بداهة ) انه لا يكفي في الاستصحاب مجرد الاتحاد في الحقيقة والماهية ولو مع تعدد الوجود خارجا ، والا يلزم جريان الاستصحاب عند اليقين بوجود فرد والشك في فرد آخر وهو كما ترى ( ولذا ) كان بناء المحققين على عدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث من اقسام الشك في وجود الكلى كما سيجيء تحقيقه انشاء تعالى ( ولا ان المراد ) هو وحدتهما وجودا وحدا ومرتبة ، والا فلا يتصور فيه الشك في البقاء وينطبق على قاعدة اليقين لا الاستصحاب ( لا يقال ) على هذا يشكل تطبيق الاستصحاب على الأحكام الشرعية ، فان موضوعاتها لما كان عبارة عن الموجودات الذهنية ولو بما هي مرأت إلى الخارج وكان ظرف محمولاتها محضا بكونه ذهنيا لا خارجيا ، لان الخارج ظرف اتصافها بها لا ظرف عروضها ، فلا جرم في ظرف عروض محمولاتها لا يتصور لموضوع القضيتين وحدة خارجية لا فعلية ولا فرضية كي يصدق تعلق الشك في القضية المشكوكة بما تعلق به اليقين ( بل الواحدة ) المتصورة بينهما في هذا الصقع لا تكون الا ذاتية ، والا فموضوع كل قضية لا يكون الا موجودا ذهنيا مغايرا لما هو الموضوع في القضية الأخرى ( فإذا كان ) المفروض عدم كفاية الوحدة الذاتية في جريان الاستصحاب وكان الخارج