بالنسبة إلى حقيقتها الحاصلة بالجعل والانشاء.
( وبعد ما عرفت ) ذلك نقول : ان من المعلوم عدم تصور الجعلية بالمعنى المزبور في الأحكام التكليفية في شيء من مراتبها ( واما بالنسبة ) إلى مرحلة المصلحة والعلم بها فظاهر ( واما ) بالنسبة إلى لب الإرادة التي هي روح التكليف ، فلأنها من الكيفيات النفسانية التابعة للعلم بالمصلحة في الشيء بلا مزاحم لمفسدة أخرى فيه أو في لازمه فلا ترتبط بالانشائيات ( وهكذا ) الامر بالإضافة إلى الانشاء المبرز للإرادة ، فإنه أيضا امر واقعي وكان من مقولة الفعل الخارج عن الاعتباريات الجعلية ، فلا يبقى حينئذ الامر حلة الايجاب والبعث واللزوم ونحوهما من العناوين المنزعة من ابراز الإرادة بالانشاء القولي أو الفعلي وهذه أيضا غير مرتبطة بالجعليات المتقومة بالانشاء والقصد ( لأنها ) اعتبارات انتزاعية من مرحلة ابراز الإرادة الخارجية ، حيث ينتزع العقل كل واحدة منها من الانشاء المظهر للإرادة بعنايات خاصة ( ولذا ) يكتفى في انتزاع تلك الأمور ، وكذا في حكم العقل بلزوم الاتباع بصرف انشاء الآمر بداعي الاعلام بإرادته ولو لم يقصد به مفهوم الطلب ولا خطر بباله عنوان البعث والايجاب ، ( وعليه ) فلا أصل لما اشتهر وتداول في الألسنة من جعلية الأحكام التكليفية ( نعم ) لا بأس بدعوى الجعل فيها بمعنى التكوين والايجاد ولو بلحاظ ايجاد المنشأ القهري لا القصدي للاعتبارات المزبورة ، فإنها بهذه الجهة تكون تابعة لما بيد الشارع وضعه ورفعه وهو الطلب والامر الذي هو عين انشائه الاختياري بالقول أو الفعل ، فيكون الغرض من جعليتها حينئذ مجرد احتياجها في مقام انتزاع مفاهيمها إلى الانشاء المبرز للإرادة ، لا الجعلية بالمعنى المتقوم بالقصد والانشاء من القول أو الفعل الجاري في الأحكام الوضعية كما هو ظاهر ( هذا كله ) في الأحكام التكليفية.
( واما الأحكام الوضعية ) فقد عرفت اختلافهم فيها ، تارة في تعدادها وأخرى في جعليتها وانتزاعيتها من التكليف بعد الفراغ عن كونها بحقايقها من الأمور الاعتبارية وخارجات المحمول ، لا المحمولات بالضمية ، وعدم انتزاعها من الجهة التي ينتزع عنها مفاهيم التكاليف ، والا يلزم مرادفتها مع مفهوم التكليف من الوجوب