( مدفوع ) بما ذكرنا مرارا من أنه يكفي في الشرعية في باب الاستصحاب مجرد كون المستصحب مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بتوسيط منشئه ، فإذا كانت القضية التعليقية والملازمة المزبورة منتهية إلى كيفية إرادة الشارع وجعله على نحو خاص ، بحيث لولا الجعل الشرعي لما يعتبر العقل تلك الملازمة ، فلا محالة يجري فيها الاستصحاب والتعبد بعدم نقض اليقين بالشك بعد انتهائه إلى الأثر العملي ، كما في السببية في الأمور الجعلية حسب ما شرحناه سابقا خصوصا على المبنى المختار في لا تنقض من كونه ناظرا إلى نفس اليقين بلحاظ ما يترتب عليه من الأعمال حتى في الاحكام المجعولة ، لا إلى المتيقن ولو بتوسيط اليقين بنحو جعل المماثل ، أو الامر بالمعاملة مع المتيقن معاملة الواقع ( وعليه ) فلا يحتاج في اجراء الاستصحاب في نحو هذه التعليقيات وشرعيتها إلى اتعاب النفس لاثبات ان لها مرتبة من الوجود كي يورد عليه بأنها كالملازمات الواقعية بين الشيئين ليست من الموجودات الخارجية وانما هي اعتبارات عقلية منتزعة من مجرد امتناع انفكاك أحد الشيئين عن الاخر ( نعم ) ما لا يكون جعليا انما هي الملازمة والسببية في الأمور الواقعية التكوينية التي لا يكون لها مساس بالجعل الشرعي ولو بالواسطة ، لا مثل هذه التعليقيات التي عرفت انتهائها بالآخرة إلى الجعل الشرعي ، كما هو ظاهر ( واما شبهة ) عدم تصور الشك في بقاء الملازمة ألا من جهة الشك في النسخ وبدونه يقطع ببقائها لكونها كالصحة التأهلية لجزء المركب ( فمدفوع ) بان المقطوع انما هو الحكم الثابت للذات في حال العنبية لا مطلقا حتى في حال الزبيبة ، إذ هو في هذا الحال مشكوك لا مقطوع ، والمستصحب هو هذا الحكم الضمني الفرضي الثابت للذات في حال العنبية وبقائه مشكوك لا مقطوع.
( ثم ) انه أورد على الاستصحاب المزبور بوجهين آخرين ( أحدهما ) من جهة تغاير الموضوع في القضيتين ، بدعوى ان الموضوع للحرمة والنجاسة المعلقة بالغليان في القضية المتيقنة انما هو ماء العنب وقد انعدم بصيرورته زبيبا ، وفي القضية المشكوكة هو الجرم الخاص وليس هو موضوعا للحرمة والنجاسة ( والثاني ) بمعارضة الاستصحاب المزبور مع استصحاب الطهارة والحلية الثابتة قبل الغليان ، فان