أقوال : قال أبو جعفر : سمعت علي بن سليمان يقول : يكون عطفا على اسم الله جلّ وعزّ أي حسبك الله ومن اتّبعك قال : ومثله قول النبي صلىاللهعليهوسلم «يكفينيه الله وأبناء قيلة» (١) والقول الثاني أن يكون التقدير: ومن اتّبعك من المؤمنين كذلك على الابتداء وأخبر كما قال الفرزدق : [الطويل]
١٧٥ ـ وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع |
|
من المال إلّا مسحتا أو مجلّف (٢) |
والقول الثالث : أحسنها أن يكون على إضمار بمعنى وحسبك من اتّبعك من المؤمنين وهكذا الحديث على إضمار ومن كفى. القول الأول لأنه قد صحّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه نهى أن يقال : ما شاء الله وشئت ، والقول الثاني فالشاعر مضطرّ فيه إذا كانت القصيدة مرفوعة وإن كان فيه غير هذا.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (٦٥)
(إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ) اسم «يكن» فإن قال قائل : لم كسر أول العشرين وفتح أول ثلاثين وما بعده إلى ثمانين إلّا ستين؟ فالجواب عند سيبويه (٣) أنّ عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد فكسر أول عشرين كما كسر اثنان والدليل على هذا قولهم ستّون وتسعون كما قيل : ستّة وتسعة.
(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٦٦)
وقرأ أبو جعفر وعلم أنّ فيكم ضعفاء كما يقال كريم وكرماء ، وقراءة أهل المدينة وأبي عمرو ضعفا(٤) وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد. قال أبو عبيد : لكثرة من قرأ بها وأنها قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم ومن اتّبعه عليها ، وهذا الكلام وإن كان أبو عبيد رحمهالله معلوما منه أنه لم يقصد إلا إلى خير وإنما يقال : ومن اتّبعه فيمن يجوز أن يخالف ، وإسناد الحديث ليس بذاك. وقال أبو عمرو بن العلاء : الضّعف لغة أهل الحجاز ، والضّعف لغة تميم فأمّا التفريق بينهما فلا يصحّ أعني في المعنى.
__________________
(١) انظر تفسير القرطبي ٨ / ٤٣.
(٢) الشاهد للفرزدق في ديوانه ٢٦ ، وجمهرة أشعار العرب ٨٨٠ ، وجمهرة اللغة ٣٨٦ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٣٧ ، والخصائص ١ / ٩٩ ، ولسان العرب (سحت) و (جلف) و (ودع) ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ١٨٨ ، وجمهرة اللغة ٤٨٧ ، وشرح شواهد الإيضاح ٢٧٩ ، وشرح المفصل ١ / ٣١ ، والمحتسب ١ / ١٨٠.
(٣) انظر الكتاب ١ / ٢٦٦.
(٤) انظر البحر المحيط ٤ / ٥١٣.