(ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٦٧)
(أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) وتكون على تأنيث الجماعة أسرى أسارى وأسارى. (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) أي المغانم والفداء ، (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أي يريد لكم ثواب الآخرة لأنه خير لكم.
(لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٦٨)
فيه خمسة أجوبة : فمن أحسنها أنّ المعنى لو لا كتاب من الله نزل وهو القرآن فآمنتم به فاستحققتم العفو والصفح لعذّبكم ، وقيل : المعنى لو لا كتاب من الله نزل وهو القرآن فآمنتم به فاستحققتم العفو والصفح لعذّبكم ، وقيل : المعنى لو لا أنّ الله جلّ وعزّ كتب أنه سيحل لكم المغانم لعذّبكم ، والجواب الخامس أن المعنى لو لا أنّ الله جلّ وعز كتب أنه يغفر لأهل بدر ما تقدّم من ذنوبهم وما تأخّر لعذّبكم. ومعنى (لَوْ لا) في اللغة امتناع شيء لوقوع شيء. و (كِتابٌ) مرفوع بالابتداء و (سَبَقَ) في موضع النعت له ولا يكون خبرا لأنه لا يجوز أن يؤتى بخبر لما ارتفع بعد لو لا بالابتداء. هذا قول سيبويه والتقدير لو لا كتاب من الله سبق تدارككم (لَمَسَّكُمْ) والأصل فيها فعل ثم أدغمت ويجوز الإظهار كما قال : [البسيط]
١٧٦ ـ مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقي |
|
أنّى أجود لأقوام وإن ضننوا (١) |
(فِيما أَخَذْتُمْ) أدغمت الذال في التاء لأن المهموس أخفّ ويجوز الإظهار هنا.
(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦٩)
(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ) في الفاء معنى الشرط والمجازاة ، وقال سيبويه (٢) فالكلم اسم وفعل وحرف ، والتقدير في الآية قد أحللت لكم الفداء فكلوا ممّا غنمتم ، (حَلالاً طَيِّباً) منصوب على الحال.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧٠)
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) خاطب النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال (لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ)
__________________
(١) الشاهد لقعنب بن أم صاحب في الخصائص ١ / ١٦٠ ، والكتاب ١ / ٥٨ ، وسمط اللآلي ٥٧٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣١٨ ، ولسان العرب (ظلل) و (ضنن) ، والمنصف ١ / ٣٣٩ ، ونوادر أبي زيد ٤٤ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ١ / ١٥٠ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٤١ ، وشرح المفصل ٣ / ١٢ ، ولسان العرب (حمم) ، والمقتضب ١ / ١٤٢ ، والمنصف ٢ / ٦٩.
(٢) انظر الكتاب ١ / ٤٠.