فيه ثلاثة أجوبة : يكون المعنى يا أيّها النبي قل لهم قولوا لمن في أيديكم من الأسرى ، ويكون على أنّ المخاطبة له صلىاللهعليهوسلم ، مخاطبة لأمته كما قال جلّ وعزّ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) [الطلاق : ١] ويكون على تحويل المخاطبة في (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) ، فأمّا أن يكون على التعظيم فبعيد. (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) شرط وكسرت الميم لالتقاء الساكنين والجواب (يُؤْتِكُمْ) فلذلك حذفت منه الياء.
(وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٧١)
(وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ) أي في نقض العهد لأنهم عاهدوه ألّا يحاربوه صلىاللهعليهوسلم أي إن فعلوا هذا (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) أي خانوا أولياءه المؤمنين بديئا. وجمع خيانة خيائن وكان يجب أن يقال : خوائن لأنه من ذوات الواو إلّا أنهم فرّقوا بينه وبين جمع خائنة ، ويقال : خائن وخون وخونة وخانة.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٧٢)
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) اسم إنّ. (وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا) معطوف عليه. (أُولئِكَ) رفع بالابتداء (بَعْضُهُمْ) ابتداء ثان. (أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (١) خبره والجميع خبر إنّ ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا) ابتداء ، والخبر (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة من ولايتهم (٢). يقال : وليّ بيّن الولاية ووال بيّن الولاية. قال أبو جعفر : والفتح في هذا أبين وأحسن لأنه بمعنى النصر ، وقال أبو إسحاق : ويجوز الكسر لأنه مشتمل فصار كالصناعة وكالخياطة. قال : ويجوز (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) بالنصب على الإغراء.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (٧٣)
وقال الكسائي : يجوز النصب في قوله : (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (٣).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٧٤)
(حَقًّا) مصدر.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٤ / ٥١٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٤ / ٥١٨ ، وتيسير الداني ٩٦.
(٣) انظر البحر المحيط ٤ / ٥١٨.