موجب لهم العذاب والخزي وشفاء صدور المؤمنين وذهاب غيظ قلوبهم ، ونظيره (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) تم الكلام ثم قال (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) [الشورى : ٢٤] وقرأ ابن أبي إسحاق ويتوب الله (١) بالنصب وكذا روي عن عيسى والأعرج. (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ابتداء وخبر.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٦)
(أَمْ حَسِبْتُمْ) خروج من شيء إلى شيء. (أَنْ تُتْرَكُوا) في موضع المفعولين على قول سيبويه ، وعند أبي العباس أنه قد حذف الثاني ، (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ) جزم بلمّا وإن كانت «ما» زائدة فإنّها عند سيبويه تكون جوابا لقولك قد فعلت وكسرت الميم لالتقاء الساكنين. قال الفراء (وَلِيجَةً) بطانة من المشركين يتخذونهم ويفشون إليهم أسرارهم ويعلمونهم أمورهم.
(ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) (١٧)
(أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) اسم كان. (شاهِدِينَ) على الحال. و (أُولئِكَ) ابتداء. (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) الخبر.
(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (١٨)
(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) (ما) كافة والفعل متقدّم لأنه لمن. (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ) حذفت الألف للجزم. قال سيبويه : واعلم أنّ الآخر إذا كان يسكن في الرفع حذف في الجزم لئلّا يكون الجزم بمنزلة الرفع. (فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) وعسى من الله جلّ وعزّ واجبة.
(أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٩)
(أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) التقدير في العربية أجعلتم أصحاب سقاية الحاجّ وقيل : التقدير كإيمان من آمن بالله وجعل الاسم موضع المصدر إذ علم معناه مثل : إنّما
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٥ / ١٩.