(قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٦)
(قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) أي لو شاء الله ما أرسلني إليكم فتلوت عليكم القرآن ولا أعلمكم به أي القرآن. قال أبو حاتم : سمعت الأصمعي يقول : سألت أبا عمرو بن العلاء عن قراءة الحسن ولا أدرأتكم به (١) أله وجه؟ قال : لا قال أبو عبيد : لا وجه لقراءة الحسن «ولا أدرأتكم به» إلّا على الغلط. معنى قول أبي عبيد إن شاء الله على الغلط أنه يقال : دريت أي علمت وأدريت غيري ، ويقال : درأت أي دفعت فيقع الغلط بين دريت وأدريت ودرأت ، وقال أبو حاتم : يريد الحسن فما أحسب ولا أدريتكم به فأبدل من الياء ألفا على لغة بني الحارث بن كعب لأنهم يبدلون من الياء ألفا إذا انفتح ما قبلها مثل (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣]. قال أبو جعفر هذا غلط لأن الرواية عن الحسن ولا أدرأتكم به بالهمز وأبو حاتم تكلّم على أنه بغير همز ويجوز أن يكون من درأت إذا دفعت ، أي : ولا أمرتكم أن تدفعوا وتتركوا الكفر بالقرآن. (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ) في الكلام حذف والتقدير فقد لبثت فيكم عمرا من قبله تعرفوني بالصدق والأمانة لا أقرأ ولا أكتب ثم جئتكم بالمعجزات (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أن هذا لا يكون إلّا من عند الله جلّ وعزّ.
(وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١٩)
(وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً) اسم «كان» وخبرها. (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ) رفع بالابتداء (سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) في موضع النعت.
(وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) (٢٠)
(فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) والأصل «أنني» حذفت النون ، والمعنى منتظر من المنتظرين.
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ) (٢١)
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً) جواب إذا على قول الخليل وسيبويه (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا)
__________________
(١) وهذه قراءة ابن عباس وابن سيرين وأبي رجاء أيضا ، انظر البحر المحيط ٥ / ١٣٧ ، ومعاني الفراء ١ / ٤٥٩.