بينهما أربعون سنة. قال أبو جعفر : وقد قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب والضحّاك كانت بينهما أربعون سنة (وَلا تَتَّبِعانِ) في موضع جزم على النهي والنون للتوكيد وحرّكت لالتقاء الساكنين واختير لها الكسر لأنها أشبهت نون الاثنين.
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٩٠)
(قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ) في موضع نصب والمعنى «بأنه» ، ومن قرأ «إنّه» بالكسر فالتقدير عنده قال صرت مؤمنا ثم استأنف «إنه» ، وزعم أبو حاتم أنّ القول محذوف (وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ابتداء وخبر ، وقد ذكرنا الحديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن جبرائيل صلىاللهعليهوسلم أنه جعل في فيه الطين ، وتأويل هذا ـ والله أعلم ـ أنه عقوبة لعدوّ الله.
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) (٩٢)
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) قال عبد الله بن شداد والضحاك فأخرج لهم ، قالا : لتكون لمن خلفك آية ليعلموا أنه ليس إلاها كما قال الأخفش سعيد : (نُنَجِّيكَ) من النّجاء والإنجاء وقال بعضهم : نرفعك على نجوة من الأرض ، قال (بِبَدَنِكَ) أي لا روح فيك ، قال : وليس قول من قال «ببدنك» بدرعك بشيء.
(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) (٩٤)
(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) في موضع جزم بالشرط ، والجواب (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) وقد ذكرنا معناه.
(وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٩٧)
(وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) فأنّث كلّا على المعنى لأن المعنى ولو جاءتهم الآيات.
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (٩٨)
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ) قال الأخفش والكسائي : أي فهلّا. قال الفراء (١) : وفي حرف أبيّ (فهلا) لأن معناه أنهم لم يؤمنوا وقال غيره : المعنى فلم تكن قرية آمنت بمن
__________________
(١) انظر معاني الفراء ١ / ٤٨٩.