والفراء (١) بلعت وبلعت ، (وَغِيضَ الْماءُ) يقال : غاض الماء وغضته ، ويجوز غيض الماء ، بضم الغين (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ) فبيّن الإعراب فيه لأن الياء مشدّدة فقبلها ساكن ، وحكى الفراء : واستوت على الجودي ، بإسكان الياء لأن قبلها مكسورا وهي مخفّفة (وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) والذي قال هذه فيما روي نوح صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون ، أي أبعد الله الظالمين فبعدوا بعدا على المصدر.
(وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) (٤٥)
(إِنَّ ابْنِي) اسم إنّ (مِنْ أَهْلِي) في موضع الخبر. (وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) اسم «إن» وخبرها ، (وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) ابتداء وخبره.
(قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٤٦)
(إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (٢) قد ذكرناه. (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أي بي من لم يعلم أنه مؤمن ، (إِنِّي أَعِظُكَ) أي أعظك بنهيي وزجري لئلّا تكون ، والبصريون يقدرون كراهة أن يكون.
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٤٧)
أي أسألك أن توفّقني وتلطف لي حتّى لا أسأل ذلك (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي) يدلّ على أنّ الأنبياء صلوات الله عليهم يذنبون (أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) أي رحمتك يوم القيامة.
(قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤٨)
(قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ) أي من السفينة (بِسَلامٍ) أي بسلامة. (وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ) أي نعم ثابتة مشتقّ من بروك الجمل وهو ثباته وإقامته. (مِمَّنْ مَعَكَ) «من» للتبعيض وتكون لبيان الجنس. (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ) أي وتكون أمم. قال الأخفش سعيد : كما تقول : كلّمت زيدا وعمرو جالس ، وأجاز الفراء في غير القراءة وأمما (٣) وتقديره وسنمتّع أمما.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ١٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٥ / ٢٢٩.
(٣) انظر معاني الفراء ١ / ١٨.