فيبقى حرف واحد. وقال أبو عثمان المازني : الأصل وإنّ كلّا لما بتخفيف ما ثم ثقلت. قال أبو إسحاق: هذا خطأ إنما يخفّف المثقّل ولا يثقّل المخفّف ، وقال أبو عبيد القاسم بن سلّام : الأصل (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) بالتنوين من لممته لمّا أي جمعته ثم بنى منه فعلى كما قريء (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) [المؤمنون : ٤٤] بغير تنوين وتنوين. قال أبو إسحاق : القول الذي لا يجوز عندي غيره أن «إن» تكون مخففة من الثقيلة وتكون بمعنى «ما» مثل (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) [الطارق : ٤] وكذا أيضا تشدّد على أصلها وتكون بمعنى «ما» ولمّا بمعنى «إلّا» حكى ذلك الخليل وسيبويه (١). قال أبو جعفر : والقراءات الثلاث المخالفات للسواد تكون فيها «إن» بمعنى «ما» لا غير وتكون على التفسير لأنه لا يجوز أن يقرأ بما خالف السواد إلّا على هذه الجهة.
(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (١١٣)
قال أبو عمرو بن العلاء (وَلا تَرْكَنُوا) لغة أهل الحجاز ، وقال الفراء : لغة تميم وقيس ركن يركن وروي عن قتادة أنه قرأ (وَلا تَرْكَنُوا) بضم الكاف. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) (٢). وأنكر هذا أبو عبيد قال : لأنه ليس فيه حرف من حروف الحلق. قال أبو جعفر : لا معنى لقوله : ليس فيه حرف من حروف الحلق ؛ لأن حروف الحلق لا تجتلب الكسرة ، وهذه اللغة ذكرها الخليل وسيبويه (٣) عن غير أهل الحجاز إذا كان الفعل على فعل كسروا أول مستقبله ليدلّوا على الكسرة التي في ماضيه ، وكان يجب أن يكسر ثانيه ليتفق مع الماضي فلم يجز ذلك للزوم الثاني الإسكان فكسروا الأول ، فقالوا يحذر وهي مشهورة في بني فزارة وهذيل ، كما قال : [الكامل]
٢٢٤ ـ وإخال إنّي لاحق مستتبع (٤)
__________________
(١) انظر الكتاب ٢ / ١٤٠.
(٢) انظر البحر المحيط ٥ / ٢٦٩ ، والمحتسب ١ / ٣٣٠.
(٣) انظر الكتاب ٤ / ٢٢٧.
(٤) الشاهد لأبي ذؤيب الهذلي في تخليص الشواهد ص ٤٤٨ ، والدرر ٢ / ٢٥٩ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٦٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٩٤ ، والمنصف ١ / ٣٢٢ ، ولسان العرب (نصب) وللهذلي في مغني اللبيب : ١ / ٢٣١ ، وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٦٠٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٣ ، وصدره :
«فلبثت بعدهم بعيش ناصب».