تقف عليه الملائكة ليعلم بذلك قدرة الله جلّ وعزّ ، وكذلك (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) وقد بيّنّا معنى (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) (١).
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) (٤٠)
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ) في موضع جزم بالشرط ودخلت النون توكيدا.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤١)
(نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) جمع طرف. وقد ذكرنا قول أهل التفسير فيه ، وقال عبد الله بن عبد العزيز : الطرف الكريم من كل شيء وجمعه أطراف كما قال الأعشى : [الطويل]
٢٤٤ ـ هم الطّرف النّاكي العدوّ وأنتم |
|
بقصوى ثلاث تأكلون الوقائصا (٢) |
قال : وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه «العلم أودية في أيّ واد أخذت منه حسرت فخذ من كلّ شيء طرفا» أي خيارا وقال الله جلّ وعزّ (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) أي من علمائها ، والعلماء هم الخيار الكرماء ، ومنه «ما يدري أيّ طرفيه أطول» (٣) أي ما يدري الكرم يأتيه من ناحية أبيه أو من ناحية أمه لبلهه؟ والطّرف : الفرس الكريم ، والطّارف ما استفيد.
(وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) (٤٢)
(فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) أي لله جلّ وعزّ المكر الثابت الذي يحيق بأهله. ومعنى المكر من الله جلّ وعزّ أن ينزل العقوبة بمن يستحقها من حيث لا يعلم. (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ) والكافر بمعنى واحد يؤدّي عن جمع.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤٣)
(قُلْ كَفى بِاللهِ) في موضع رفع. (شَهِيداً) على البيان. (وَمَنْ عِنْدَهُ) في موضع خفض عطفا على اللفظ ، ويجوز أن يكون في موضع رفع على المعنى. (عِلْمُ الْكِتابِ) رفع بالابتداء.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٥ / ٣٨٧.
(٢) الشاهد للأعشى في ديوانه ١٩٩ ، ولسان العرب (طرف) ، وتهذيب اللغة ١٣ / ٣٢١ ، وتاج العروس (طرف) وبلا نسبة في جمهرة اللغة ٨٩٥. «الباد والعدوّ».
(٣) انظر مجمع الأمثال رقم (٣٥٠٣).