يا إسحار أقبل ، ففتحت الراء لالتقاء الساكنين لأن قبلها ألفا وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي (أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (١) بكسر الهمزة. قال الفراء (٢) : وهي لغة سليم.
(لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٢٣)
وقد ذكرنا (٣) (لا جَرَمَ أَنَ) في غير هذا الموضع.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤)
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) (ما) في موضع رفع بالابتداء و (ذا) بمعنى الذي وهو خبر «ما». (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) على إضمار مبتدأ. قال الكسائي : أي هو أساطير الأولين ، وقال الأخفش : الجواب يردّ على الكلام الأول فلما كانت «ما» في موضع رفع رفع. قال أبو إسحاق : المعنى «الذي أنزل» أي الذي ذكرتم أنتم أنه أنزل أساطير الأولين أي أكاذيب ، وقال غيره : هذا على التّهزّء أي يقول بعضهم لبعض : ماذا أنزل ربكم فيقول المجيب : أساطير الأولين ولم يقرّوا أنه أنزل شيئا ، فلهذا كان مرفوعا ، وقد أجاز النحويون : ماذا تعلّمت أنحوا أم شعرا. بالنصب والرفع. فالرفع على ما تقدم والنصب على أن تكون «ذا» زائدة بمعنى أي شيء تعلّمت؟ فإن قلت : من ذا كلّمت أزيدا أم عمرا؟ لم يكن «من ذا» في موضع رفع لأن ذا لا يراد معها.
(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) (٣٠)
(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) قال الكسائي : ولو قيل خير لجاز. يعني على ما تقدّم. (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) رفع بنعم ، والدار مؤنثة ولم يقل : نعمت ؛ لأنه فعل يشبه الأسماء وجرى على مثل هذا قول البصريين ، وحذف علامة التأنيث عندهم أجود ، وقال الكسائي : التذكير لأن المعنى ولنعم موضع دار المتقين ومثوى ومأوى.
قال : والتأنيث جيّد حسن واسع.
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ) (٣١)
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) قال الفراء (٤) : إن شئت رفعت جنات بالاستئناف ، وإن شئت
__________________
(١) و (٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٩٩.
(٣) مرّ في إعراب الآية ٢٢ ـ هود.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٩٩ ، والبحر المحيط ٥ / ٤٧٤.