والقول الرابع حكاه أبو عبيد عن أبي عبيدة قال : المعنى نسقيكم مما في بطون أيّها كان له لبن لأنه ليست كلّها لها لبن. (سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) نعت.
(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٦٧)
(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ) أي ولكم فيما رزقناكم من ثمرات النخيل والأعناب عبرة.
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (٦٨)
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي) لأنها مؤنّثة والعرب تقول في تصغيرها : نحيل بغير هاء لئلا تشبه الواحدة ، وحكى الأخفش أنها تذكّر (بُيُوتاً) كما تقول ؛ فلس وفلوس ومن كسر الباء أبدل من الضمة كسرة وهو وجه بعيد.
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (٧٠)
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) أي إلى الهرم لأنه يضعف قوته وعقله فإن قال قائل : فهو إذا كان صبيّا هكذا ولا يقال للصبيّ : هو في أرذل العمر ، فالجواب أنّ الصبي يرجى له العقل والقوة وليس كذا الهرم (لِكَيْ لا يَعْلَمَ) تنصب بكي ولا تحول «لا» بين العامل والمعمول فيه لتصرّفها وأنّها تكون زائدة.
(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٧١)
(فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) ابتداء وخبر.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (٧٢)
(أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) قيل : يعني الأوثان والأصنام لأنهم لا ينتفعون بعبادتها. (وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) الكفر بالنعمة في اللغة على ضربين : أحدهما أن يجحد النعمة ، والآخر أن ينسبها إلى غير المنعم بها أو يجعل له فيها شريكا.
__________________
ـ سعد قيل إنه قيس بن الحصين في المقاصد النحوية ١ / ٥٢٩ ، ولرجل ضبيّ في الأغاني ١٦ / ٢٥٦ ، وبلا نسبة في الكتاب ١ / ١٨٤ ، والأشباه النظائر ٣ / ١٠٢ ، وتلخيص الشواهد ١٩١ ، والردّ على النحاة ١٢٠ ، ولسان العرب (نعم) ، واللمع في العربية ١١٣.