(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٨)
(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) ومن كسر الهمزة أتبع الكسرة الكسرة ، وكسر الميم بعيد وأمّهات جمع أمّهة ، وقيل : الهاء زائدة كما زيدت في أهرقت.
(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧٩)
(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ) أي إلى خلقها كيف خلقت خلقا يتهيّأ لها معه الطيران والثبوت في الجو ، وجعل ذلك تسخيرا منه لها مجازا فقال جلّ ثناؤه : (مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ) و (مُسَخَّراتٍ) حال. (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) لأنه جلّ وعزّ يثبتهنّ بالهواء الذي خلقه تحتهنّ فجعل ذلك إمساكا منه لهن اتساعا.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (٨١)
(وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ) أي خلق لكم ما تتّخذون منه سرابيل وأقدركم على عمله وروي عن ابن عباس رحمهالله أنه قرأ كذلك تتمّ نعمه عليكم ورفع النعمة. (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (١) بفتح التاء واللام.
(يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) (٨٣)
(يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) وإنكارهم إياها إضافتهم إياها إلى غير الله جلّ وعزّ وإشراكهم معه فيها غيره.
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٨٤)
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) والأمة القرن والجماعة فدلّ بهذا على أنّ في كلّ قرن من يطيعه جلّ وعزّ ، ولا يكون الشهيد إلّا مطيعا. (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) في الاعتذار. ومعنى لا يؤذن لهم في الاعتذار لا يقال لهم : اعتذروا بل يقال لهم : إن اعتذرتم لم يقبل منكم ، ومثله (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات : ٣٦] أي لا يعتذرون اعتذارا ينتفع به.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٥ / ٥٠٨ ، ومعاني الفراء ٢ / ١١٢.