الدلائل على البارئ تبارك اسمه أنّه ليس أحد يقع في شدة من مؤمن أو مشرك أو ملحد إلا وهو يستغيث به.
(أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) (٦٨)
(أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ) على الظرف (أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) أي رجما من فوقكم.
(أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٦٩)
(ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) تابعا يتبعنا في إنكار ذلك أو صرفه عنكم.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٧٠)
(وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) ولم يقل : على كلّ من خلقنا لأن الملائكة أفضل منهم لطاعتهم وأنّهم لا معصية لهم (تَفْضِيلاً) مصدر فيه معنى التوكيد.
(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٧١)
(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ) التقدير : أذكر يوم ندعوا ، ويجوز أن يكون التقدير : يعيدكم الذي فطركم (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) وقد ذكرنا عن ابن عباس أنه قال : بإمامهم بنبيّهم ، وروي عنه إمام هدى وإمام ضلالة ، وقال أبو صالح وأبو العالية بإمامهم بأعمالهم ، وقال مجاهد بكتابهم. قال أبو جعفر : وهذه الأقوال متفقة والناس يدعون بهذا كلّه فيدعون بنبيّهم فيقال أين أصحاب الورع؟ وكذا ضدّ هذا فيقال أين أمة فرعون؟ وأين أصحاب الزنا؟ فيكون في هذا توبيخ وهتكة على رؤوس الناس لمن ينادى به أو مدح وسرور لمن ينادى بضدّه. قال عكرمة عن ابن عباس : الفتيل ما في شقّ النواة ، وتقديره في العربية لا يظلمون مقدار فتيل.
(وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٧٢)
(وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ) أي في الدنيا (أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) وتقديره أعمى منه في الدنيا. قال محمد بن يزيد : وإنما جاز هذا ، ولا يقال : فلان أعمى من فلان ؛ لأنه من عمى القلب ، ويقال في عمى القلب : فلان أعمى من فلان ، وفي عمى العين : فلان أبين عمىّ من فلان ، ولا يقال : أعمى منه. قال أبو جعفر : وإنما لم يقل : أعمى منه