(وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً) (٧٦)
(وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) تأول العلماء هذا على تأويلين : أحدهما أنهم لو أخرجوه من أرض الحجاز كلّها لهلكوا ، والتأويل الآخر أنهم لو أخرجوه من مكة. وقال أصحاب هذا القول : لم يخرجوه وإنّما أمره الله عزوجل بالهجرة إلى المدينة ، ولو أخرجوه لهلكوا.
(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (٧٧) أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (٧٨)
(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) مصدر أي سنّ الله عزوجل أنّ من أخرج نبيّا هلك سنّة ، وقال الفراء (١) : أي كسنّة.
قال الأخفش سعيد : نصب (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) بمعنى وآثر قرآن الفجر ، وعليك قرآن الفجر. قال أبو إسحاق : التقدير : وأقم قرآن الفجر.
(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) (٨٠)
(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) المصدر من أفعل مفعل ، وكذا الظرف من فعل مفعل ، ومن قال في «مدخل صدق» إنه المدينة ، وفي مخرج صدق إنه مكّة فله تقديران : أحدهما أن الله جل وعز وعده ذلك فهو مدخل صدق ومخرج صدق ، والتقدير الآخر أن يكون المعنى مدخل سلامة ، وحسن عاقبة فجعل الصدق موضع الأشياء الجميلة لأنه جميل ، ومن قال مدخل صدق الرسالة ومخرج صدق من الدنيا ، قدّره بما وعده الله جلّ وعزّ به من نصرته الرسالة ، ومن إخراجه من الدنيا سليما من الكبائر ، وقد قيل : أمره الله جلّ وعزّ بهذا عند دخوله إلى بلد أو غيره أو عند خروجه منه. (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) أي حجة ظاهرة بيّنة تنصرني بها على أعدائي.
(وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (٨١)
(وَقُلْ جاءَ الْحَقُ) أي جاء أمر الله ووحيه (وَزَهَقَ الْباطِلُ) أي الباطل الكفر والفساد (إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) والزاهق والزهوق في اللغة الذي لا ثبات له.
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً) (٨٢)
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ) أي شفاء في الدين لما فيه من الدلائل الظاهرة
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ١٢٩ ، والبحر المحيط ٦ / ٦٤.