أَسَفاً) قال أبو إسحاق : «أسفا» منصوب لأنه مصدر في موضع الحال. وأسف إذا حزن ، وإذا غضب.
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) (٨)
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها) قيل «ما» و «زينة» مفعولان ويكون فيه تقديران : أحدهما أنه مخصوص للشجر والثمر والمال وما أشبههنّ ، والآخر أنه عموم لأنه دالّ على بارئه ، وقول آخر أنّ جعلنا هاهنا بمعنى خلقنا يتعدّى إلى «ما» و «زينة» مفعول من أجله ، وهذا قول حسن (لِنَبْلُوَهُمْ) أي لنختبرهم فنأمرهم بالطاعة لننظر (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فالحسن العمل الذي يزهد في الزينة ثم أعلم الله عزوجل أنه مبيد ذلك كله فقال تعالى : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) (٨).
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) (٩)
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ) أي أبل حسبت أنّهم (كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) وفي آيات الله عزوجل مما ترى أعجب منهم. قال ابن عباس : وجّهت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط من مكة إلى المدينة ليسألا أحبار يهود عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فسألاهم فقالوا : سله عن فتية ذهبوا في الدهر الأول كان لهم حديث عجب ، وعن رجل طواف بلغ المشارق والمغارب ، وعن الروح ، فإن أخبركم بالاثنين فهو نبي ، وإن أخبركم بالروح فليس بنبي ، فنزلت سورة الكهف.
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) (١٠)
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) أي هاربين بدينهم (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) أي أعطنا من عندك رحمة تنجينا بها من هؤلاء الكفار (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) أي على ما ننجو به. ويقال : رشد ورشد إلّا أنّ رشدا هاهنا أولى لتتفق الآيات.
(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (١١)
(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ) الواحدة أذن مؤنّثة وتحذف الضمة لثقلها فتقول : أذن (سِنِينَ) ظرف ويقال : سنينا. يجعل الإعراب في النون. (عَدَداً) نصب لأنه مصدر ، ويجوز أن يكون نعتا لسنين يكون عند الفراء بمعنى معدودة ، وعند البصريين بمعنى ذات عدد.
(ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) (١٢)