والقاف ، وقرأ أهل الكوفة (عُقْباً) بضم العين وإسكان القاف والتنوين. قال أبو إسحاق : ويجوز عقبى مثل بشرى.
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) (٤٥)
وفي (تَذْرُوهُ) ثلاثة أوجه : (تَذْرُوهُ) قراءة العامة. قال الكسائي : وفي قراءة عبد الله تذريه(١) وحكى الكسائي أيضا «تذريه» وحكى الفراء (٢) : أذريت الرجل عن البعير أي قلبته ، وأنشد سيبويه والمفضل : [الطويل]
٢٧٦ ـ فقلت له : صوّب ولا تجهدنّه |
|
فتذرك من أخرى القطاة فتزلق (٣) |
(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) وهذا من الشكل وقد تكلّم العلماء فيه ، فقال قوم : كان بمعنى يكون ، وقال آخرون : كان بمعنى ما زال. قال أبو جعفر : ورأيت أبا إسحاق ينكر أن يكون الماضي بمعنى المستقبل إلّا بحرف يدلّ على ذلك. قال : وإنما خوطبت العرب على ما تعرف ولا تعرف في كلامها هذا وأحسن ما قيل في هذا قول سيبويه. قال : عاين القوم قدرة الله جلّ وعزّ فقيل لهم هكذا كان أي لم يزل مقتدرا.
(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧) وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (٤٩)
(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) أي واذكر. قال بعض النحويين : التقدير : والباقيات الصالحات خير يوم نسيّر الجبال. قال أبو جعفر : وهو غلط من أجل الواو. (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) على الحال ، وكذا (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا) وكذا (لا يُغادِرُ) في موضع الحال ، وكذا (حاضِراً).
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (٥٠)
(فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) استثناء ، وزعم أبو إسحاق أنه استثناء ليس من الأول لأنّ
__________________
(١) و (٢) انظر معاني الفراء ٢ / ١٤٦ ، والبحر المحيط ٦ / ١٢٤.
(٣) الشاهد لعمرو بن عمّار الطائي في الكتاب ٣ / ١١٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٢ ، (فيدنك) ، ولامرئ القيس في ديوانه ١٧٤ ، ولسان العرب (ذرا) ، والمحتسب ٢ / ١٨١ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٨ / ٥٢٦ ، ومجالس ثعلب ٢ / ٤٣٦ ، والمقتضب ٢ / ٢٣.